فقال لا أريده فقال: أصائم أنت؟ قال لا قال: فما شأنك؟ قال حرمت أن آكل ضرعا أبدا فقال ابن مسعود هذا من خطوات الشيطان فأطعم وكفر عن يمينك رواه ابن أبي حاتم وقال أيضا حدثنا أبي حدثنا حسان بن عبد الله المصري عن سليمان التيمي عن أبي رافع قال: غضبت يوما على امرأتي فقالت هي يوما يهودية ويوما نصرانية وكل مملوك لها حر إن لم تطلق امرأتك. فأتيت عبد الله بن عمر فقال إنما هذه من خطوات الشيطان وكذلك قالت زينب بنت أم سلمة وهي يومئذ أفقه امرأة في المدينة وأتيت عاصما وابن عمر فقالا مثل ذلك وقال عبد بن حميد حدثنا أبو نعيم عن شريك عن عبد الكريم عن عكرمة عن ابن عباس قال: ما كان من يمين أو نذر في غضب فهو من خطوات الشيطان وكفارته كفارة يمين: وقوله " إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون " أي إنما يأمركم عدوكم الشيطان بالافعال السيئة وأغلظ منها الفاحشة كالزنا ونحوه وأغلظ من ذلك وهو القول على الله بلا علم فيدخل في هذا كل كافر وكل مبتدع أيضا.
وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آبائنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون (170) ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمى فهم لا يعقلون (171) يقول تعالى: وإذا قيل لهؤلاء الكفرة من المشركين اتبعوا ما أنزل الله على رسوله واتركوا ما أنتم عليه من الضلال والجهل قالوا في جواب ذلك بل نتبع ما ألفينا أي ما وجدنا عليه آباءنا أي من عبادة الأصنام والأنداد. قال الله تعالى منكرا عليهم " أو لو كان آباؤهم " أي الذين يقتدون بهم ويقتفون أثرهم " لا يعقلون شيئا ولا يهتدون " أي ليس لهم فهم ولا هداية. وروى ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس أنها نزلت في طائفة من اليهود دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الاسلام فقالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا فأنزل الله هذه الآية.
ثم ضرب لهم تعالى مثلا - كما قال تعالى - " للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء " فقال ومثل الذين كفروا " أي فيما هم فيه من الغي والضلال والجهل كالدواب السارحة التي لا تفقه ما يقال لها بل إذا نعق بها راعيها أي دعاها إلى ما يرشدها لا تفقه ما يقول ولا تفهمه بل إنما تسمع صوته فقط: هكذا روى عن ابن عباس وأبي العالية ومجاهد وعكرمة وعطاء والحسن وقتادة وعطاء الخراساني والربيع بن أنس نحو هذا. وقيل إنما هذا مثل ضرب لهم في دعائهم الأصنام التي لا تسمع ولا تبصر ولا تعقل شيئا اختاره ابن جرير والأول أولى لان الأصنام لا تسمع شيئا ولا تعقله ولا تبصره ولا بطش لها ولا حياة فيها. وقوله " صم بكم عمي " أي صم عن سماع الحق بكم لا يتفوهون به عمي عن رؤية طريقه ومسلكه " فهم لا يعقلون " أي لا يعقلون شيئا ولا يفهمونه كما قال تعالى " والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم ".
يا أيها الذين أمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون (172) إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم (173) يقول تعالى آمرا عباده المؤمنين بالاكل من طيبات ما رزقهم تعالى وأن يشكروه تعالى على ذلك إن كانوا عبيده والاكل من الحلال سبب لتقبل الدعاء والعبادة كما أن الاكل من الحرام يمنع قبول الدعاء والعبادة كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد حدثنا أبو النضر حدثنا الفضيل بن مرزوق عن عدي بن ثابت عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال " يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم " وقال " يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما