قال محمد صلى الله عليه وسلم " رب لا بل دعني وقومي فلأدعهم يوما بيوم " فأنزل الله هذه الآية " إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس " الآية ورواه ابن أبي حاتم من وجه أخر عن جعفر بن أبي المغيرة به وزاد في آخره: " وكيف يسألونك الصفا وهم يرون من الآيات ما هو أعظم من الصفا " وقال ابن أبي حاتم أيضا حدثنا أبي حدثنا أبو حذيفة حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن عطاء قال: نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة " وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم " فقال كفار قريش بمكة كيف يسع الناس إله واحد فأنزل الله تعالى " إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس " إلى قوله " لآيات لقوم يعقلون " فبهذا يعلمون أنه إله واحد وأنه إله كل شئ وخالق كل شئ وقال وكيع بن الجراح: حدثنا سفيان عن أبيه عن أبي الضحى قال: لما نزلت " وإلهكم إله واحد " إلى آخر الآية قال المشركون إن كان هكذا فليأتنا بآية فأنزل الله عز وجل " إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار " إلى قوله " يعقلون " ورواه آدم بن أبي إياس عن أبي جعفر هو الرازي عن سعيد بن مسروق والد سفيان عن أبي الضحى به.
ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين أمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب (165) إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب (166) وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار (167) يذكر تعالى حال المشركين به في الدنيا وما لهم في الدار الآخرة حيث جعلوا له أندادا أي أمثالا ونظراء يعبدونهم معه ويحبونهم كحبه هو الله لا إله إلا هو ولا ضد له ولا ند له ولا شريك معه. وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود قال: قلت يا رسول الله أي الذنب أعظم؟ قال " أن تجعل لله ندا وهو خلقك " وقوله " والذين آمنوا أشد حبا لله " ولحبهم لله وتمام معرفتهم به وتوقيرهم وتوحيدهم له لا يشركون به شيئا بل يعبدونه وحده ويتوكلون عليه ويلجأون في جميع أمورهم إليه. ثم توعد تعالى المشركين به الظالمين لأنفسهم بذلك فقال " ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا " قال بعضهم تقدير الكلام لو عاينوا العذاب لعلموا حينئذ أن القوة لله جميعا أي أن الحكم له وحده لا شريك له وأن جميع الأشياء تحت قهره وغلبته وسلطانه " وأن الله شديد العذاب " كما قال " فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد " يقول لو يعلمون ما يعاينونه هنالك وما يحل بهم من الامر الفظيع المنكر الهائل على شركهم وكفرهم لانتهوا عما هم فيه من الضلال ثم أخبر عن كفرهم بأوثانهم وترى المتبوعين من التابعين فقال " إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا " تبرأت منهم الملائكة الذين كانوا يزعمون أنهم يعبدونهم في الدار الدنيا فتقول الملائكة " تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون " ويقولون " سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون " والجن أيضا تتبرأ منهم ويتنصلون من عبادتهم لهم كما قال تعالى " ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين " وقال تعالى " واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا * كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا " وقال الخليل لقومه " إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين " وقال تعالى " ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا