كان أبوك يصنع بك؟ قالت: كان يفرش لي الديباج ويلبسني الحرير ويطعمني المخ ويسقيني الخمر قال الطبري كان يطعمني المخ والزبد وشهد أبكار النحل وصفو الخمر وذكر أنه كان يرى مخ ساقها قال فكان جزاء أبيك ما صنعت به أنت إلي بذاك أسرع ثم أمر بها فربطت قرون رأسها بذنب فرس فركض الفرس حتى قتلها وفيه يقول عدي بن زيد العبادي أبياته المشهورة السائرة:
أيها الشامت المعير بالدهر * أأنت المبرأ الموفور أم لديك العهد الوثيق من الأيام * - بل أنت جاهل مغرور من رأيت المنون خلد أم من * ذا عليه من أن يضام خفير أين كسرى كسرى الملوك أنوشر * وان أم أين قبله سابور وبنو الأصفر الكرام ملوك الروم * لم يبق منهم مذكور وأخو الحضر إذ بناه وإذ دجلة * تجبى إليه والخابور شاده مرمرا وجلله كلسا * فللطير في ذراه وكور لم يهبه ريب المنون فباد * الملك عنه فبابه مهجور وتذكر رب الخورنق إذ أشرف * يوما وللهدى تفكير سره ماله وكثرة ما يملك * والبحر معرضا والسدير فارعوى قلبه وقال فما غبطه * حي إلى الممات يصير ثم أضحوا كأنهم ورق جف * فألوت به الصبا والدبور ثم بعد الفلاح والملك والاماة * وارتهم هناك القبور وقوله " وإن تصبهم حسنة " أي خصب ورزق من ثمار وزروع وأولاد ونحو ذلك هذا معنى قول ابن عباس وأبي العالية والسدي " يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة " أي قحط وجدب ونقص في الثمار والزروع أو موت أولاد أو نتاج أو غير ذلك كما يقوله أبو العالية والسدي " يقولوا هذه من عندك " أي من قبلك وبسبب اتباعنا لك واقتدائنا بدينك كما قال تعالى عن قوم فرعون " فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة " يطيروا بموسى ومن معه " وكما قال تعالى " ومن الناس من يعبد الله على حرف " الآية وهكذا قال " هؤلاء المنافقون الذين دخلوا في الاسلام ظاهرا " وهم كارهون له في نفس الامر ولهذا إذا أصابهم شر إنما يسندونه إلى اتباعهم للنبي صلى الله عليه وسلم وقال السدي " وإن تصبهم حسنة " قال والحسنة الخصب تنتج مواشيهم وخيولهم ويحسن حالهم وتلد نساؤهم الغلمان " قالوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة " والسيئة الجدب والضرر في أموالهم تشاءموا بمحمد صلى الله عليه وسلم وقالوا هذه من عندك يقولون بتركنا ديننا واتباعنا محمدا أصابنا هذا البلاء فأنزل الله عز وجل " قل كل من عند الله " أي الجميع بقضاء الله وقدره وهو نافذ في البر والفاجر والمؤمن والكافر قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس " قل كل من عند الله " أي الحسنة والسيئة وكذا قال الحسن البصري ثم قال تعالى منكرا على هؤلاء القائلين هذه المقالة الصادرة عن شك وريب وقلة فهم وعلم وكثرة جهل وظلم " فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ". " ذكر حديث غريب يتعلق بقوله تعالى " قل كل من عند الله " قال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا السكن بن سعيد حدثنا عمر بن يونس حدثنا إسماعيل بن حماد عن مقاتل بن حيان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو بكر وعمر في قبيلتين من الناس وقد ارتفعت أصواتهما فجلس أبو بكر قريبا من النبي صلى الله عليه وسلم وجلس عمر قريبا من أبي بكر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لم ارتفعت أصواتكما " فقال رجل: يا رسول الله قال أبو بكر الحسنات من الله والسيئات من أنفسنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فما قلت يا عمر: فقال: قلت الحسنات والسيئات من الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن أول من تكلم فيه جبريل وميكائيل فقال ميكائيل مقالتك يا أبا بكر وقال جبريل