سعيرا (55) يقول تعالى أم لهم نصيب من الملك وهذا استفهام إنكاري أي ليس لهم نصيب من الملك ثم وصفهم بالبخل فقال:
فإذا لا يؤتون الناس نقيرا أي لأنهم لو كان لهم نصيب في الملك والتصرف لما أعطوا أحدا من الناس ولا سيما محمدا صلى الله عليه وسلم شيئا ولا ما يملا النقير وهو النقطة التي في النواة في قول ابن عباس والأكثرين. وهذه الآية كقوله تعالى " قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الانفاق " أي خوف أن يذهب ما بأيدكم مع أنه لا يتصور نفاده وإنما هو من بخلكم وشحكم ولهذا قال تعالى " وكان الانسان قتورا " أي بخيلا، ثم قال " أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله " يعني بذلك حسدهم النبي صلى الله عليه وسلم على ما رزقه الله من النبوة العظيمة ومنعهم من تصديقهم إياه حسدهم له لكونه من العرب وليس من بني إسرائيل. وقال الطبراني: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي حدثنا يحيى الحماني حدثنا قيس بن الربيع عن السدي عن عطاء عن ابن عباس في قوله " أم يحسدون الناس " الآية قال ابن عباس: نحن الناس دون الناس قال الله تعالى " فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما " أي فقد جعلنا في أسباط بني إسرائيل الذين هم من ذرية إبراهيم النبوة وأنزلنا عليهم الكتب وحكموا فيهم بالسنن وهي الحكمة وجعلنا منهم الملوك ومع هذا فمنهم من آمن به أي بهذا الايتاء وهذا الانعام ومنهم من صد عنه أي كفر به وأعرض عنه وسعى في صد الناس عنه وهو منهم ومن جنسهم أي من بني إسرائيل فقد اختلفوا عليهم فكيف بك يا محمد ولست من بني إسرائيل؟ وقال مجاهد: فمنهم من آمن به أي بمحمد صلى الله عليه وسلم ومنهم من صد عنه فالكفرة منهم أشد تكذيبا لك وأبعد عما جئتهم به من الهدى والحق المبين ولهذا قال متوعدا لهم " وكفى بجهنم سعيرا " أي وكفى بالنار عقوبة لهم على كفرهم وعنادهم ومخالفتهم كتب الله ورسله.
إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما (56) والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدالهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا (57) يخبر تعالى عما يعاقب به في نار جهنم من كفر بآياته وصد عن رسله فقال " إن الذين كفروا بآياتنا " الآية أي ندخلهم فيها دخولا يحيط بجميع أجرامهم وأجزائهم. ثم أخبر عن دوام عقوبتهم ونكالهم فقال " كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب " قال الأعمش عن ابن عمر: إذا احترقت جلودهم بدلوا جلودا غيرها بيضاء أمثال القراطيس، رواه ابن أبي حاتم وقال يحيى بن يزيد الحضرمي أنه بلغه في الآية قال: يجعل للكافر مائة جلد بين كل جلدين لون من العذاب رواه ابن أبي حاتم وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا علي بن محمد الطنافسي حدثنا حسين الجعفي عن زائدة عن هشام عن الحسن قوله " كلما نضجت جلودهم " الآية قال: تنضجهم في اليوم سبعين ألف مرة. قال حسين: وزاد فيه فضيل عن هشام عن الحسن كلما نضجت جلودهم " قيل لهم: عودوا فعادوا. وقال أيضا ذكر عن هشام بن عمار حدثنا سعيد بن يحيى " يعنى السعداني " حدثنا نافع مولى يوسف السلمي البصري عن نافع عن ابن عمر قال: قرأ رجل عند عمر هذه الآية " كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها " فقال عمر: أعدها علي فأعادها فقال معاذ بن جبل: عندي تفسيرها تبدل في ساعة مائة مرة. فقال عمر: هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رواه ابن مردويه عن محمد بن أحمد بن إبراهيم عن عبدان بن محمد المروزي عن هشام بن عمار به ورواه من وجه آخر بلفظ آخر فقال: حدثنا محمد بن إسحاق عن عمران حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا نافع أبو هرمز حدثنا