وما سوى ذلك فهو فضل آية محكمة أو سنة قائمة أو فريضة عادلة ". وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " تعلموا الفرائض وعلموه الناس فإنه نصف العلم وهو ينسى وهو أول شئ ينزع من أمتي " رواه ابن ماجة وفي إسناده ضعيف. وقد روي من حديث ابن مسعود وأبي سعيد وفي كل منهما نظر. قال ابن عيينة: إنما سمى الفرائض نصف العلم لأنه يبتلى به الناس كلهم. وقال البخاري عند تفسير هذه الآية: حدثنا إبراهيم بن موسى حدثنا هشام أن ابن جريج أخبرهم قال: أخبرني ابن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في بني سلمة ماشيين فوجدني النبي صلى الله عليه وسلم لا أعقل شيئا فدعا بماء فتوضأ منه ثم رش علي فأفقت فقلت: ما تأمرني أن أصنع في مالي يا رسول الله؟ فنزلت " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " وكذا رواه مسلم والنسائي من حديث حجاج بن محمد الأعور عن ابن جريج به ورواه الجماعة كلهم من حديث سفيان بن عيينة عن محمد بن المنكدر عن جابر.
" حديث آخر في سبب نزول الآية " قال أحمد: حدثنا زكريا بن عدي حدثنا عبيد الله هو ابن عمرو الرقي عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر قال: جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبو هما معك في يوم أحد شهيدا إن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالا ولا ينكحان إلا ولهما مال قال: فقال " يقضي الله في ذلك " فنزلت آية الميراث فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمهما فقال: " أعط ابنتي سعد الثلثين وأمهما الثمن وما بقي فهو لك " وقد رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من طرق عن عبد الله بن محمد بن عقيل به قال الترمذي: ولا يعرف إلا من حديثه. والظاهر أن حديث جابر الأول إنما نزل بسببه الآية الأخيرة من هذه السورة كما سيأتي فإنه إنما كان له إذ ذاك أخوات ولم يكن له بنات وإنما كان يرث كلالة ولكن ذكرنا الحديث ههنا تبعا للبخاري فإنه ذكره ههنا والحديث الثاني عن جابر أشبه بنزول هذه الآية والله أعلم.
فقوله تعالى " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " أي يأمركم بالعدل فيهم فإن أهل الجاهلية كانوا يجعلون جميع الميراث للذكور دون الإناث فأمر الله تعالى بالتسوية بينهم في أصل الميراث وفاوت بين الصنفين فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين وذلك لاحتياج الرجل إلى مؤنة النفقة والكلفة ومعاناة التجارة والتكسب وتحمل المشاق فناسب أن يعطى ضعفي ما تأخذه الأنثى. وقد استنبط بعض الأذكياء من قوله تعالى " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " أنه تعالى أرحم بخلقه من الوالدة بولدها حيث أوصى الوالدين بأولادهم فعلم أنه أرحم بهم منهم كما جاء في الحديث الصحيح وقد رأى امرأة من السبي فرق بينها وبين ولدها فجعلت تدور على ولدها فلما وجدته من السبي أخذته فألصقته بصدرها وأرضعته فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه " أترون هذه طارحة ولدها في النار وهي تقدر على ذلك "؟ قالوا: لا يا رسول الله قال " فوالله لله أرحم بعباده من هذه بولدها " وقال البخاري ههنا: حدثنا محمد بن يوسف عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن عطاء عن ابن عباس قال: كان المال للولد وكانت الوصية للوالدين فنسخ الله من ذلك ما أحب فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس والثلث وجعل للزوجة الثمن والربع وللزوج الشطر والربع وقال العوفي عن ابن عباس " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " وذلك أنه لما نزلت الفرائض التي فرض الله فيها ما فرض للولد الذكر والأنثى والأبوين كرهها الناس أو بعضهم وقالوا: تعطى المرأة الربع أو الثمن وتعطى الابنة النصف ويعطى الغلام الصغير وليس من هؤلاء أحد يقاتل القوم ولا يحوز الغنيمة اسكتوا عن هذا الحديث لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينساه أو نقول له فيغير فقالوا: يا رسول الله تعطى الجارية نصف ما ترك أبوها وليست تركب الفرس ولا تقاتل القوم ويعطى الصبي الميراث وليس يغني شيئا وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية لا يعطون الميراث إلا لمن قاتل القوم ويعطونه الأكبر فالأكبر رواه ابن أبي حاتم وابن جرير أيضا وقوله " فإن