قال بعد روايته له سمعت البخاري يقول: هذا الحديث غير محفوظ والصحيح ما روى شعيب وغيره عن الزهري حدثت عن محمد بن أبي سويد الثقفي أن غيلان بن سلمة - فذكره. قال البخاري: وإنما حديث الزهري عن سالم عن أبيه أن رجلا من ثقيف طلق نساءه فقال له عمر: لتراجعن نساءك أو لارجمن قبرك كما رجم قبر أبي رغال وهذا التعليل فيه نظر والله أعلم - وقد رواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري مرسلا وهكذا رواه مالك عن الزهري مرسلا وقال أبو زرعة: هو أصح. وقال البيهقي ورواه عقيل عن الزهري: بلغنا عن عثمان بن محمد بن أبي سويد عن محمد بن يزيد. وقال أبو حاتم وهذا وهم إنما هو الزهري عن محمد بن أبي سويد بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - فذكره. قال البيهقي: ورواه يونس وابن عيينة عن الزهري عن محمد ابن أبي سويد وهذا كما علله البخاري والاسناد الذي قدمناه من مسند الإمام أحمد رجاله ثقات على شرط الشيخين. ثم روى من غير طريق معمر بل والزهري. قال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي ويزيد بن عمر بن يزيد الجرمي أخبرنا يوسف بن عبيد الله حدثنا سرار بن مجشر عن أيوب عن نافع وسالم عن ابن عمر أن غيلان بن سلمة كان عنده عشر نسوة فأسلم وأسلمن معه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يختار منهن أربعا هكذا أخرجه النسائي في سننه. قال أبو علي بن السكن: تفرد به سرار بن مجشر وهو ثقة وكذا وثقه ابن معين قال أبو علي: وكذلك رواه السميدع بن وهب عن سرار. قال البيهقي: وروينا من حديث قيس بن الحارث أو الحارث بن قيس وعروة بن مسعود الثقفي وصفوان بن أمية يعني حديث غيلان بن سلمة فوجه الدلالة أنه لو كان يجوز الجمع بين أكثر من أربع لسوغ له رسول الله صلى الله عليه وسلم سائرهن في بقاء العشرة وقد أسلمن فلما أمره بإمساك أربع وفراق سائرهن دل على أنه لا يجوز الجمع بين أكثر من أربع بحال فإذا كان هذا في الدوام ففي الاستئناف بطريق الأولى والأحرى والله سبحانه أعلم بالصواب " حديث آخر في ذلك " روى أبو داود وابن ماجة في سننهما من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن خميصة بن الشمردل وعند ابن ماجة بنت الشمردل وحكى أبو داود أن منهم من يقول الشمرذل بالذال المعجمة عن قيس بن الحارث وعند أبي داود في رواية الحارث بن قيس أن عميرة الأسدي قال أسلمت وعندي ثمان نسوة فذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم فقال " اختر منهن أربعا ". وهذا الاسناد حسن: وهذا الاختلاف لا يضر مثله لما للحديث من الشواهد " حديث آخر في ذلك " قال الشافعي في مسنده أخبرني من سمع ابن أبي الزناد يقول أخبرني عبد المجيد عن ابن سهل بن عبد الرحمن عن عوف بن الحرث عن نوفل بن معاوية الديلي قال أسلمت وعندي خمس نسوة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " اختر أربعا أيتهن شئت وفارق الأخرى " فعمدت إلى أقدمهن صحبة عجوز عاقر معي منذ ستين سنة فطلقتها. فهذه كلها شواهد لحديث غيلان كما قاله البيهقي. وقوله " فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ". أي إن خفتم من تعداد النساء أن لا تعدلوا بينهن كما قال تعالى " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم " فمن خاف من ذلك فليقتصر على واحدة أو على الجواري السراري فإنه لا يجب قسم بينهن ولكن يستحب فمن فعل فحسن ومن لا فلا حرج وقوله " ذلك أدنى ألا تعولوا " قال بعضهم ذلك أدنى أن لا تكثر عيالكم قاله زيد بن أسلم وسفيان بن عيينة والشافعي وهو مأخوذ من قوله تعالى " وإن خفتم عيلة " أي فقرا " فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء " وقال الشاعر:
فما يدري الفقير متى غناه * وما يدري الغني متى يعيل وتقول العرب عال الرجل يعيل عيلة إذا افتقر. ولكن في هذا التفسير ههنا نظر فإنه كما يخشى كثرة العائلة من تعداد الحرائر كذلك يخشى من تعداد السراري أيضا والصحيح قول الجمهور " ذلك أدنى ألا تعولوا " أي لا تجوروا يقال عال في الحكم إذا قسط وظلم وجار، وقال أبو طالب في قصيدته المشهورة:
بميزان قسط لا يخيس شعيرة * له شاهد من نفسه غير عائل