رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين فذكر منهم " رجلا من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بي " وقوله تعالى " لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا " أي لا يكتمون ما بأيديهم من العلم كما فعله الطائفة المرذولة منهم بل يبذلون ذلك مجانا ولهذا قال تعالى " أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب " قال مجاهد سريع الحساب يعني سريع الاحصاء. رواه ابن أبي حاتم وغيره. وقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا " قال الحسن البصري أمروا أن يصبروا على دينهم الذي ارتضاه الله لهم وهو الاسلام فلا يدعوه لسراء ولا لضراء ولا لشدة ولا لرخاء حتى يموتوا مسلمين وأن يصابروا الأعداء الذين يكتمون دينهم وكذلك قال غير واحد من علماء السلف وأما المرابطة فهي المداومة في مكان العبادة والثبات وقيل انتظار الصلاة بعد الصلاة قاله ابن عباس وسهل بن حنيف ومحمد بن كعب القرظي وغيرهم وروى ابن أبي حاتم ههنا الحديث الذي رواه مسلم والنسائي من حديث مالك بن أنس عن العلاء بن عبد الرحمن عن يعقوب مولى الحرقة عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط ". وقال ابن مردويه حدثنا محمد بن أحمد حدثنا موسى بن إسحاق حدثنا أبو جحيفة علي بن يزيد الكوفي أنبأنا ابن أبي كريمة عن محمد بن يزيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال أقبل علي أبو هريرة يوما فقال أتدري يا ابن أخي فيم نزلت هذه الآية " يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا " قلت لا. قال أما إنه لم يكن في زمان النبي صلى الله عليه وسلم غزو يرابطون فيه ولكنها نزلت في قوم يعمرون المساجد ويصلون الصلاة في مواقيتها ثم يذكرون الله فيها فعليهم أنزلت " اصبروا " أي على الصلوات الخمس " وصابروا " أنفسكم وهواكم " ورابطوا " في مساجدكم " واتقوا الله " فيما عليكم " لعلكم تفلحون ". وهكذا رواه الحاكم في مستدركه من طريق سعيد بن منصور عن مصعب بن ثابت عن داود بن صالح عن أبي سلمة عن أبي هريرة بنحوه وقال ابن جرير حدثني أبو السائب حدثني ابن فضيل عن عبد الله بن سعيد المقبري عن جده عن شرحبيل عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا أدلكم على ما يكفر الذنوب والخطايا؟
إسباغ الوضوء على المكاره وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط " وقال ابن جرير أيضا حدثني موسى بن سهل الرملي حدثنا يحيى بن واضح حدثنا محمد بن مهاجر حدثني يحيى بن زيد عن زيد بن أبي أنيسة عن شرحبيل عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويكفر به الذنوب؟ قلنا بلى يا رسول الله قال " إسباغ الوضوء في أماكنها وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط ".
وقال ابن مردويه حدثنا محمد بن علي أنبأنا محمد بن عبد الله بن سلام البرنوثي أنبأنا محمد بن غالب الأنطاكي أنبأنا عثمان بن عبد الرحمن أنبأنا الوازع بن نافع عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي أيوب قال: وفد علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " هل لكم إلى ما يمحو الله به الذنوب ويعظم به الاجر؟ قلنا نعم يا رسول الله وما هو؟ قال " إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة " قال " وهو قول الله " يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون " فذلك هو الرباط في المساجد " وهذا حديث غريب من هذا الوجه جدا. وقال عبد الله بن المبارك عن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير حدثني داود بن صالح قال: قال لي أبو سلمة بن عبد الرحمن يا ابن أخي هل تدري في أي شئ نزلت هذه الآية " اصبروا وصابروا ورابطوا " قال قلت لا قال: إنه لم يكن يا ابن أخي في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم غزو يرابط فيه ولكنه انتظار الصلاة بعد الصلاة رواه ابن جرير وقد تقدم سياق ابن مردويه له وإنه من كلام أبي هريرة رضي الله عنه والله أعلم وقيل المراد بالمرابطة ههنا مرابطة الغزو في نحو العدو وحفظ ثغور الاسلام وصيانتها عن دخول الأعداء إلى حوزة بلاد المسلمين وقد وردت الاخبار بالترغيب في ذلك وذكر كثرة الثواب فيه فروى البخاري في صحيحه عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها ". " حديث آخر " روى مسلم عن سلمان الفارسي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه عمله الذي كان