واسمه حجر بن بيان عن أبي مالك العبدي موقوفا ورواه من وجه آخر عن أبي قزعة مرسلا. وقال العوفي عن ابن عباس: نزلت في أهل الكتاب الذين بخلوا بما في أيديهم من الكتب المنزلة أن يبينوها رواه ابن جرير والصحيح الأول وإن دخل هذا في معناه وقد يقال: إن هذا أولى بالدخول والله سبحانه وتعالى أعلم. وقوله تعالى " ولله ميراث السماوات والأرض " أي فأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فإن الأمور كلها مرجعها إلى الله عز وجل:
فقدموا من أموالكم ما ينفعكم يوم معادكم " والله بما تعملون خبير " أي بنياتكم وضمائركم.
لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق (181) ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد (182) الذين قالوا إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين (183) فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير (184) قال سعيد بن جبير عن ابن عباس: لما نزل قوله تعالى " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة " قالت اليهود: يا محمد: افتقر ربك فسأل عباده القرض؟ فأنزل الله " لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء " الآية رواه ابن مردويه وابن أبي حاتم. وقال محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أنه حدثه عن ابن عباس قال: دخل أبو بكر الصديق بيت المدراس فوجد من يهود ناسا كثيرة قد اجتمعوا على رجل منهم يقال له فنحاص وكان من علمائهم وأحبارهم ومعه حبر يقال له أشيع فقال له أبو بكر: ويحك يا فنحاص اتق الله وأسلم فوالله إنك لتعلم أن محمدا رسول من عند الله قد جاءكم بالحق من عنده تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل. فقال فنحاص: والله يا أبا بكر ما بنا إلى الله من حاجة من فقر وإنه إلينا لفقير ما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا وإنا عنه لأغنياء ولو كان عنا غنيا ما استقرض منا كما يزعم صاحبكم ينهاكم عن الربا ويعطينا ولو كان غنيا ما أعطانا الربا فغضب أبو بكر رضي الله عنه فضرب وجه فنحاص ضربا شديدا وقال: والذي نفسي بيده لولا الذي بيننا وبينك من العهد لضربت عنقك يا عدو الله فأكذبونا ما استطعتم إن كنتم صادقين. فذهب فنحاص إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: يا محمد أبصر ما صنع بي صاحبك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما حملك على ما صنعت يا أبا بكر " فقال: يا رسول الله إن عدو الله قال قولا عظيما يزعم أن الله فقير وأنهم عنه أغنياء فلما قال ذلك غضبت لله مما قال فضربت وجهه فجحد فنحاص ذلك وقال: ما قلت ذلك فأنزل الله فيما قال فنحاص " لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء " الآية. رواه ابن أبي حاتم وقوله " سنكتب ما قالوا " تهديد ووعيد ولهذا قرنه تعالى بقوله " وقتلهم الأنبياء بغير حق " أي هذا قولهم في الله وهذه معاملتهم رسل الله وسيجزيهم الله على ذلك شر الجزاء ولهذا قال تعالى " ونقول ذوقوا عذاب الحريق * ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد " أي يقال لهم ذلك تقريعا وتوبيخا وتحقيرا وتصغيرا - وقوله تعالى " الذين قالوا إن الله عهد إلينا أن لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار يقول تعالى تكذيبا لهؤلاء الذين زعموا أن الله عهد إليهم في كتبهم أن لا يؤمنوا لرسول حتى يكون من معجزاته أن من تصدق بصدقة من أمته فتقبلت منه أن تنزل نار من السماء تأكلها قاله ابن عباس والحسن وغيرهما. قال الله عز وجل " قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات " أي بالحجج والبراهين " وبالذي قلتم " أي وبنار تأكل القرابين المتقبلة " فلم قتلتموهم " أي فلم قابلتموهم بالتكذيب والمخالفة والمعاندة وقتلتموهم " إن كنتم صادقين " أنكم تتبعون الحق وتنقادون للرسل ثم قال تعالى مسليا لنبيه صلى الله عليه وسلم " فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير " أي لا يوهنك تكذيب هؤلاء لك فلك أسوة بمن قبلك من الرسل الذين كذبوا مع ما جاءوا به من البينات وهي الحجج والبراهين