يونس بن عبيد عن الحسن قال: عقوبة الغال أن يخرج رحله فيحرق على ما فيه: ثم روى عن معاوية عن أبي إسحق عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن علي قال: الغال يجمع رحله فيحرق ويجلد دون حد المملوك ويحرم نصيبه وخالفه أبو حنيفة ومالك والشافعي والجمهور فقالوا: لا يحرق متاع الغال بل يعزر تعزير مثله: وقد قال البخاري وقد امتنع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة على الغال ولم يحرق متاعه والله أعلم - وقد قال الإمام أحمد: حدثنا أسود بن عامر أنبأنا إسرائيل عن أبي إسحق عن جبير بن مالك قال: أمر بالمصاحف أن تغير قال: فقال ابن مسعود:
من استطاع منكم أن يغل مصحفا فليغله فإنه من غل شيئا جاء به يوم القيامة. ثم قال: قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين مرة أفأترك ما أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم - وروى وكيع في تفسير عن شريك عن إبراهيم بن مهاجر عن إبراهيم قال لما أمر بتحريق المصاحف قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أيها الناس غلوا المصاحف فإنه من غل يأت بما غل يوم القيامة ونعم الغل المصحف يأتي به أحكم يوم القيامة - وقال أبو داود: عن سمرة بن جندب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غنم غنيمة أمر بلالا فينادي في الناس فيجوز بغنائمهم فيخمسه ويقسمه فجاء رجل يوما بعد النداء بزمام من شعر فقال: يا رسول الله هذا كان مما أصبناه من الغنيمة فقال " أسمعت بلالا ينادي " ثلاثا قال:
نعم قال " فما منعك أن تجئ " فاعتذر إليه فقال " كلا أنت تجئ به يوم القيامة فلن أقبله منك.
وقوله تعالى " أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير " أي لا يستوي من اتبع رضوان الله فيما شرعه فاستحق رضوان الله وجزيل ثوابه وأجير من وبيل عقابه ومن استحق غضب الله وألزم به فلا محيد له عنه ومأواه يوم القيامة جهنم وبئس المصير وهذه الآية لها نظائر كثيرة في القرآن كقوله تعالى " أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى " وقوله " أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا " الآية. ثم قال تعالى " هم درجات عند الله " قال الحسن البصري ومحمد بن إسحاق: يعني أهل الخير وأهل الشر درجات وقال أبو عبيدة والكسائي: منازل يعني متفاوتون في منازلهم درجاتهم في الجنة ودركاتهم في النار كقوله تعالى " ولكل درجات مما عملوا " الآية ولهذا قال تعالى " والله بصير بما يعملون " أي وسيوفيهم إياها لا يظلمهم خيرا ولا يزيدهم شرا بل يجازي كل عامل بعمله: وقوله تعالى " لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم " أي من جنسهم ليتمكنوا من مخاطبته وسؤاله ومجالسته والانتفاع به كما قال تعالى " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها " أي من جنسكم وقال تعالى " قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد " الآية وقال تعالى " وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا أنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق " وقال تعالى " وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى " وقال تعالى " يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم " فهذا أبلغ في الامتنان أن يكون الرسل إليهم منهم بحيث يمكنهم مخاطبته ومراجعته في فهم الكلام عنه. ولهذا قال تعالى " يتلو عليهم آياته " يعني القرآن " ويزكيهم " أي يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر لتزكوا نفوسهم وتطهر من الدنس والخبث الذي كانوا متلبسين به في حال شركهم وجاهليتهم " ويعلمهم الكتاب والحكمة " يعني القرآن والسنة " وإن كانوا من قبل " أي من قبل هذا الرسول " لفي ضلال مبين " أي لفي غي وجهل ظاهر جلي بين لكل أحد.
أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شئ قدير (165) وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين (166) وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للايمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون (167) الذين قالوا لاخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين (168)