يقول تعالى " أو لما أصابتكم مصيبة " وهي ما أصيب منهم يوم أحد من قتلى السبعين منهم " قد أصبتم مثليها " يعني يوم بدر فإنهم قتلوا من المشركين سبعين قتيلا وأسروا سبعين أسيرا " قلتم أنى هذا " أي من أين جرى علينا هذا " قل هو من عند أنفسكم " قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي أنبأنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا قراد بن نوح حدثنا عكرمة بن عمار حدثنا سماك الحنفي أبو زميل حدثني ابن عباس حدثني عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء فقتل منهم سبعون وفر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه.
وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه وسال الدم على وجهه فأنزل الله " أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم " بأخذكم الفداء وهكذا رواه الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن غزوان وهو قراد بن نوح بإسناده ولكن بأطول منه وهكذا قال الحسن البصري وقال ابن جرير: حدثنا القاسم حدثنا الحسين حدثنا إسماعيل بن علية عن ابن عون ح قال سنيد وهو حسين وحدثني حجاج عن جريج عن محمد عن عبيدة عن علي قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إن الله قد كره ما صنع قومك في أخذهم الأسارى وقد أمرك أن تخيرهم بين أمرين إما أن يقدموا فتضرب أعناقهم وبين أن يأخذوا الفداء على أن يقتل منهم عدتهم قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فذكر لهم ذلك فقالوا: يا رسول الله عشائرنا وإخواننا ألا نأخذ فداءهم فنتقوى به على قتال عدونا ويستشهد منا عدتهم فليس في ذلك ما نكره؟ قال فقتل منهم يوم أحد سبعون رجلا عدة أسارى أهل بدر وهكذا رواه النسائي والترمذي من حديث أبي داود الحفري عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن سفيان بن سعيد عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين به ثم قال الترمذي حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي زائدة. وروى أبو أسامة عن هشام نحوه. وروى عن ابن سيرين عن عبيدة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا.
وقال محمد بن إسحاق وابن جرير والربيع بن أنس والسدي " قل هو من عند أنفسكم " أي بسبب عصيانكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمركم أن لا تبرحوا من مكانكم فعصيتم يعني بذلك الرماة " إن الله على كل شي قدير " أي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا معقب لحكمه، ثم قال تعالى " وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله " أي فراركم بين يدي عدوكم وقتلهم لجماعة منكم وجراحتهم لآخرين كان بقضاء الله وقدره وله الحكمة في ذلك " وليعلم المؤمنين " أي الذين صبروا وثبتوا ولم يتزلزلوا " وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم " يعني بذلك أصحاب عبد الله بن أبي ابن سلول الذين رجعوا معه في أثناء الطريق فاتبعهم رجال من المؤمنين يحرضونهم على الاتيان والقتال والمساعدة ولهذا قال " أو ادفعوا " قال ابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك وأبو صالح والحسن والسدي: يعني كثروا سواد المسلمين وقال الحسن بن صالح ادفعوا بالدعاء وقال غيره رابطوا فتعللوا " قائلين لو نعلم قتالا لاتبعناكم " قال مجاهد يعنون لو نعلم أنكم تلقون حربا لجئناكم ولكن لا تلقون قتالا. قال محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ومحمد بن يحيى بن حيان وعاصم بن عمر بن قتادة والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ وغيرهم من علمائنا كلهم قد حدث قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني حين خرج إلى أحد في ألف رجل من أصحابه حتى إذا كان بالشوط بين أحد والمدينة انحاز عنه عبد الله بن أبي ابن سلول بثلث الناس فقال: أطاعهم فخرج وعصاني ووالله ما ندري علام نقتل أنفسنا ههنا أيها الناس فرجع بمن اتبعه من الناس من قومه أهل النفاق وأهل الريب واتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام أخو بني سلمة يقول: يا قوم أذكركم الله أن لا تخذلوا نبيكم وقومكم عندما حضر من عدوكم قالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم ولكن لا نرى أن يكون قتال فلما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف عنهم قال: أبعدكم الله أعداء الله فسيغني الله عنكم ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الله عز وجل " هم للكفر يومئذ أقرب منهم للايمان " استدلوا به على أن الشخص قد تتقلب به الأحوال فيكون في حال أقرب إلى الكفر وفي حال أقرب إلى الايمان لقوله " هم للكفر يومئذ أقرب منهم للايمان " ثم قال تعالى " يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم " يعني أنهم يقولون القول ولا يعتقدون صحته ومنه قولهم هذا " لو نعلم قتالا