" حديث آخر " قال ابن أبي حاتم: أنبأنا أبي حدثنا هارون بن عبد الله بن مروان حدثنا ابن أبي فديك عن الخليل بن عبد الله عن الحسن عن عمران بن حصين عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال " من أرسل بنفقة في سبيل الله وأقام في بيته فله بكل درهم سبعمائة درهم يوم القيامة ومن غزا في سبيل الله وأنفق في جهة ذلك فله بكل درهم سبعمائة ألف درهم " ثم تلا هذه الآية " والله يضاعف لمن يشاء " وهذا حديث غريب وقد تقدم حديث أبي عثمان النهدي عن أبي هريرة في تضعيف الحسنة إلى ألفي ألف حسنة عند قوله " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة " الآية.
" حديث آخر " قال ابن مردويه: حدثنا عبد الله بن عبيد الله بن العسكري البزار أخبرنا الحسن بن علي بن شبيب أخبرنا محمود بن خالد الدمشقي أخبرنا أبي عن عيسى بن المسيب عن نافع عن ابن عمر لما نزلت هذه الآية " مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله " قال النبي - صلى الله عليه وسلم - " رب زد أمتي " قال فأنزل الله " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا " قال " رب زد أمتي " قال فأنزل الله " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " وقد رواه أبو حاتم وابن حبان في صحيحه عن حاجب بن أركين عن أبي عمر حفص بن عمر بن عبد العزيز المقري عن أبي إسماعيل المؤدب عن عيسى بن المسيب عن نافع عن ابن عمر فذكره وقوله ههنا " والله يضاعف لمن يشاء " أي بحسب إخلاصه في عمله " والله واسع عليم " أي فضله واسع كثير أكثر من خلقه عليم بمن يستحق ومن لا يستحق سبحانه وبحمده.
الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (262) قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم (263) يا أيها الذين أمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شئ مما كسبوا والله لا يهدى القوم الكافرين (264) يمدح تبارك وتعالى الذين ينفقون في سبيله ثم لا يتبعون ما أنفقوا من الخيرات والصدقات منا على من أعطوه فلا يمنون على أحد ولا يمنون به لا بقول ولا فعل.
وقوله " ولا أذى " أي لا يفعلون مع من أحسنوا إليه مكروها يحيطون به ما سلف من الاحسان ثم وعدهم الله تعالى الجزاء الجزيل على ذلك فقال " لهم أجرهم عند ربهم " أي ثوابهم على الله لا على أحد سواه " ولا خوف عليهم " أي فيما يستقبلونه من أهوال يوم القيامة " ولا هم يحزنون " أي على ما خلفوه من الأولاد ولا ما فاتهم من الحياة الدنيا وزهرتها لا يأسفون عليها لأنهم قد صاروا إلى ما هو خير لهم من ذلك.
ثم قال تعالى " قول معروف " أي من كلمة طيبة ودعاء لمسلم " ومغفرة " أي عفو وغفر عن ظلم قولي أو فعلي " خير من صدقة يتبعها أذى " قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا ابن فضيل قال: قرأت على معقل بن عبد الله عن عمرو بن دينار قال: بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ما من صدقة أحب إلى الله من قول معروف ألم تسمع قوله " قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني " عن خلقه " حليم " أي يحلم ويغفر ويصفح ويتجاوز عنهم وقد وردت الأحاديث بالنهي عن المن في الصدقة ففي صحيح مسلم من حديث شعبة عن الأعمش عن سليمان بن مسهر عن خرشة بن الحر عن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المنان بما أعطى والمسبل إزاره والمنفق سلعته بالحلف الكاذب وقال ابن مردويه: حدثنا أحمد بن عثمان بن يحيى أخبرنا عثمان بن محمد الدوري أخبرنا هشيم بن خارجة أخبرنا سليمان بن عقبة عن يونس بن