وقولهم " يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم " دليل على إحاطة علمه بجميع الكائنات ماضيها وحاضرها ومستقبلها كقوله إخبارا عن الملائكة " وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا ".
وقوله " ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء " أي لا يطلع أحد من علم الله على شئ إلا بما أعلمه الله عز وجل وأطلعه عليه ويحتمل أن يكون المراد لا يطلعون أحدا على شئ من علم ذاته وصفاته إلا بما أطلعهم الله عليه كقوله " ولا يحيطون به علما ".
وقوله " وسع كرسيه السماوات والأرض " قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا ابن إدريس عن مطرف بن طريف عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله " وسع كرسيه السماوات والأرض " قال: علمه وكذا رواه ابن جرير من حديث عبد الله بن إدريس وهشيم كلاهما عن مطرف بن طريف به.
قال ابن أبي حاتم: وروي عن سعيد بن جبير مثله. ثم قال ابن جرير: وقال آخرون: الكرسي موضع القدمين ثم رواه عن أبي موسى والسدي والضحاك ومسلم البطين. وقال شجاع بن مخلد في تفسيره: أخبرنا أبو عاصم عن سفيان عن عمار الذهبي عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: سئل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن قول الله عز وجل " وسع كرسيه السماوات والأرض " قال " كرسيه موضع قدميه والعرش لا يقدر قدره إلا الله عز وجل " كذا أورد هذا الحديث الحافظ أبو بكر بن مردويه من طريق شجاع بن مخلد الفلاس فذكره وهو غلط وقد رواه وكيع في تفسيره حدثنا سفيان عن عمار الذهبي عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
الكرسي موضع القدمين والعرش لا يقدر أحد قدره. وقد رواه الحاكم في مستدركه عن أبي العباس بن محمد بن أحمد المحبوبي عن محمد بن معاذ عن أبي عاصم عن سفيان وهو الثوري بإسناده عن ابن عباس موقوفا مثله وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وقد رواه ابن مردويه من طريق الحاكم بن ظهير الفزاري الكوفي وهو متروك عن السدي عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا ولا يصح أيضا. وقال السدي عن أبي مالك: الكرسي تحت العرش:
وقال السدي: السماوات والأرض في جوف الكرسي والكرسي بين يدي العرش. وقال الضحاك عن ابن عباس: لو أن السماوات السبع والأرضين السبع بسطن ثم وصلن بعضهن إلى بعض ما كن في سعة الكرسي إلا بمنزلة الحلقة في المفازة ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم وقال ابن جرير: حدثني يونس أخبرني ابن وهب قال: قال ابن زيد:
حدثني أبي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ما السماوات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس " قال وقال أبو ذر: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهراني فلاة من الأرض ".
وقال أبو بكر بن مردويه أخبرنا سليمان بن أحمد أخبرنا عبد الله بن وهيب المقري أخبرنا محمد بن أبي اليسرى العسقلاني أخبرنا محمد بن عبد الله التميمي عن القاسم بن محمد الثقفي عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر الغفاري أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الكرسي فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " والذي نفسي بيده ما السماوات السبع والأرضون السبع عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة " وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا زهير حدثنا ابن أبي بكر حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن خليفة عن عمر - رضي الله عنه - قال: أتت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقالت: ادع الله أن يدخلني الجنة قال فعظم الرب تبارك وتعالى وقال " إن كرسيه وسع السماوات والأرض وإن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد من ثقله " وقد رواه الحافظ البزار في مسنده المشهور وعبد بن حميد وابن جرير في تفسيريهما والطبراني وابن أبي عاصم في كتابي السنة لهما والحافظ الضياء في كتابه المختار من حديث أبي إسحاق السبيعي عن عبد الله بن خليفة وليس بذاك المشهور وفي سماعه من عمر نظر ثم منهم من يرويه عنه عن عمر موقوفا ومنهم من يرويه عن عمر مرسلا ومنهم من يزيد في متنه زيادة غريبة ومنهم من يحذفها وأغرب من هذا حديث جابر بن مطعم في صفة العرش كما رواه أبو