هذا الحي من يهود وهم أهل كتاب وكانوا يرون لهم فضلا عليهم في العلم فكانوا يقتدون كثيرا من فعلهم وكان من أمر أهل الكتاب لا يأتون النساء إلا على حرف وذلك أستر ما تكون المرأة فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحا منكرا ويتلذذون بهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار فذهب يصنع بها ذلك فأنكرته عليه وقالت: إنما كنا نؤتى على حرف فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني فسرى أمرهما فبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " أي مقبلات ومدبرات ومستلقيات يعني بذلك موضع الولد تفرد به أبو داود ويشهد له بالصحة ما تقدم له من الأحاديث ولا سيما رواية أم سلمة فإنها مشابهة لهذا السياق وقد روى هذا الحديث الحافظ أبو القاسم الطبراني من طريق محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد قال: عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها حتى انتهيت إلى هذه الآية " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " فقال ابن عباس: إن هذا الحي من قريش كانوا يشرحون النساء بمكة ويتلذذون بهن فذكر القصة بتمام سياقها وقول ابن عباس إن ابن عمر الله يغفر له - أوهم وكأنه يشير إلى ما رواه البخاري حدثنا إسحاق حدثنا النضر بن شميل أخبرنا ابن عون عن نافع قال كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه فأخذت عنه يوما فقرأ سورة البقرة حتى انتهى إلى مكان قال: أتدري فيم أنزلت؟ قلت لا قال: أنزلت في كذا وكذا ثم مضى. وعن عبد الصمد قال:
حدثني أبي حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر " فأتوا حرثكم أنى شئتم " قال: أن يأتيها في؟ هكذا رواه البخاري وقد تفرد به من هذا الوجه وقال ابن جرير حدثني يعقوب حدثنا ابن علية حدثنا ابن عون عن نفاع قال: قرأت ذات يوم " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " فقال ابن عمر أتدري فيم نزلت؟ قلت لا قال نزلت في إتيان النساء في أدبارهن. وحدثني أبو قلابة حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثني أبي عن أيوب عن نافع عن ابن عمر " فأتوا حرثكم أنى شئتم " قال: في الدبر. وروي من حديث مالك عن نافع عن ابن عمر ولا يصح وروى النسائي عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن أبي بكر بن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن زيد بن أسلم عن ابن عمر أن رجلا أتى امرأته في دبرها فوجد في نفسه من ذلك وجدا شديدا فأنزل الله " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " قال أبو حاتم الرازي: لو كان هذا عند زيد بن أسلم عن ابن عمر لما أولع الناس بنافع وهذا تعليل منه لهذا الحديث وقد رواه عبد الله بن نافع عن داود بن قيس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عمر فذكره وهذا الحديث محمول على ما تقدم وهو أنه يأتيها في قبلها من دبرها لما رواه النسائي عن علي بن عثمان النفيلي عن سعيد بن عيسى عن الفضل بن فضالة عن عبد الله بن سليمان الطويل عن كعب بن علقمة عن أبي النضر أنه أخبره أنه قال لنافع مولى ابن عمر إنه قد أكثر عليك القول إنك تقول عن ابن عمر إنه أفتى أن تؤتى النساء في أدبارهن قال:
كذبوا علي ولكن سأحدثك كيف كان الامر إن ابن عمر عرض المصحف يوما وأنا عنده حتى بلغ " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " فقال يا نافع هل تعلم من أمر هذه الآية؟ قلت: لا قال: إنا كنا معشر قريش نجبي النساء فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار أردنا منهن مثل ما كنا نريد فآذاهن فكرهن ذلك وأعظمنه وكانت نساء الأنصار قد أخذن بحال اليهود إنما يؤتين على جنوبهن فأنزل الله " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " وهذا إسناد صحيح. وقد رواه ابن مردويه عن الطبراني عن الحسين بن إسحاق عن زكريا بن يحيى الكاتب العمري عن مفضل بن فضالة عن عبد الله بن عياش عن كعب بن علقمة فذكره وقد روينا عن ابن عمر خلاف ذلك صريحا وأنه لا يباح ولا يحل كما سيأتي وإن كان قد نسب هذا القول إلى طائفة من فقهاء المدينة وغيرهم وعزاه بعضهم إلى الامام مالك في كتاب السر وأكثر الناس ينكر أن يصح ذلك عن الامام مالك رحمه الله. وقد وردت الأحاديث المروية من طرق متعددة بالزجر عن فعله وتعاطيه. فقال الحسن بن عرفة حدثنا إسماعيل بن عياش عن سهيل بن أبي صالح عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " استحيوا إن الله لا يستحيي من الحق لا يحل أن تأتوا النساء في حشوشهن " وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن عبد الله بن شداد عن خزيمة بن ثابت أن