فيها قوم آخرون يعنون محمدا - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده على رؤسهم " بل أنتم خالدون مخلدون لا يخلفكم فيها أحد " فأنزل الله عز وجل " وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة " الآية. وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه رحمه الله حدثنا عبد الرحمن بن جعفر حدثنا محمد بن محمد بن صخر حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ حدثنا ليث بن سعد حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة قال لما فتحت خيبر أهديت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاة فيها سم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " اجمعوا إلى من كان من اليهود ههنا " فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " من أبوكم؟ " قالوا فلان قال " كذبتم بل أبوكم فلان " فقالوا صدقت وبررت ثم قال لهم " هل أنتم صادقي عن شئ إن سألتكم عنه؟ " قالوا نعم يا أبا القاسم وإن كذبناك عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا فقال: لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " من أهل النار؟ " فقالوا نكون فيها يسيرا ثم تخلفونا فيها فقال: لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " اخسئوا والله لا نخلفكم فيها أبدا " ثم قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " هل أنتم صادقي عن شئ إن سألتكم عنه؟ " قالوا: نعم يا أبا القاسم قال: " هل جعلتم في هذه الشاة سما؟ " فقالوا نعم قال " فما حملكم على ذلك " فقالوا: أردنا إن كنت كاذبا أن نستريح منك وإن كنت نبيا لم يضرك ورواه الإمام أحمد والبخاري والنسائي من حديث الليث بن سعد بنحوه.
بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (81) والذين أمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون (82) يقول تعالى ليس الامر كما تمنيتم ولا كما تشتهون بل الامر أنه من عمل سيئة وأحاطت به خطيئته وهو من وافى يوم القيامة وليست له حسنة بل جميع أعماله سيئات فهذا من أهل النار " والذين آمنوا وعملوا الصالحات " أي آمنوا بالله ورسوله وعملوا الصالحات من العمل الموافق للشريعة فهم من أهل الجنة وهذا المقام شبيه بقوله تعالى " ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا. ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا " قال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن سعيد أو عكرمة عن ابن عباس " بلى من كسب سيئة " أي عمل مثل أعمالكم وكفر بمثل ما كفرتم به حتى يحيط به كفره فما له من حسنة وفي رواية عن ابن عباس قال الشرك قال ابن أبي حاتم. وروي عن وائل وأبي العالية ومجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والربيع بن أنس نحوه وقال: الحسن أيضا والسدي السيئة الكبيرة من الكبائر. وقال ابن جريج عن مجاهد " وأحاطت به خطيئته " قال بقلبه وقال: أبو هريرة وأبو وائل وعطاء والحسن " وأحاطت به خطيئته " قالوا أحاط به شركه. وقال: الأعمش عن أبي رزين عن الربيع بن خيثم " وأحاطت به خطيئته " قال الذي يموت على خطاياه من قبل أن يتوب وعن السدي وأبي رزين نحوه وقال أبو العالية ومجاهد والحسن في رواية عنهما وقتادة والربيع بن أنس " وأحاطت به خطيئته " الموجبة الكبيرة وكل هذه الأقوال متقاربة في المعنى والله أعلم. ويذكر ههنا الحديث الذي رواه الإمام أحمد حيث قال حدثنا سليمان بن داود حدثنا عمرو بن قتادة عن عبد ربه عن أبي عياض عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه " وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضرب لهم مثلا كمثل قوم نزلوا بأرض فلاة فحضر صنيع القوم فجعل الرجل ينطلق فيجئ بالعود والرجل يجئ بالعود حتى جمعوا سوادا وأججوا نارا فأنضجوا ما قذفوا فيها. وقال محمد بن إسحاق حدثني محمد عن سعيد أو عكرمة عن ابن عباس " والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون " أي من آمن بما كفرتم وعمل بما تركتم من دينه فلهم الجنة خالدين فيها يخبرهم أن الثواب بالخير والشر مقيم على أهله أبدا لا انقطاع له.
وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذى القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس