وللفضيحة، وفي هذا نظر، بل الصواب والله أعلم ما تقدم من رواية الضحاك عن ابن عباس على ما وجهناه وبالله التوفيق.
" مسألة " استدل بهذه الآية في حصر صفات هذه البقرة حتى تعينت أو تم تقييدها بعد الاطلاق على صحة السلم في الحيوان كما هو مذهب مالك والأوزاعي والليث والشافعي وأحمد وجمهور العلماء سلفا وخلفا بدليل ما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم " لا تنعت المرأة المرأة لزوجها كأنه ينظر إليها " وكما وصف النبي صلى الله عليه وسلم إبل الدية في قتل الخطأ وشبه العمد بالصفات المذكورة بالحديث. وقال أبو حنيفة والثوري والكوفيون لا يصح السلم في الحيوان لأنه لا تنضبط أحواله، وحكى مثله عن ابن مسعود وحذيفة بن اليمان وعبد الرحمن بن سمرة وغيرهم.
وإذ قتلتم نفسا فادارءتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون (72) فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحى الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون (73) قال البخاري " فادارأتم فيها " اختلفتم وهكذا قال مجاهد فيما رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن أبي حذيفة عن شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال في قوله تعالى " وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها " اختلفتم، وقال عطاء الخراساني والضحاك اختصمتم فيها، وقال ابن جريج " وإذ قتلتم نفس فادارأتم فيها " قال: قال بعضهم أنتم قتلتموه، وقال آخرون بل أنتم قتلتموه، وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم " والله مخرج ما كنتم تكتمون " قال مجاهد ما تغيبون، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا عمرة بن أسلم البصري حدثنا محمد بن الطفيل العبدي حدثنا صدقة بن رستم سمعت المسيب بن رافع يقول ما عمل رجل حسنة في سبعة أبيات إلا أظهرها الله وما عمل رجل سيئة في سبعة أبيات إلا أظهرها الله وتصديق ذلك في كلام الله " والله مخرج ما كنتم تكتمون "، " فقلنا اضربوه ببعضها " هذا البعض أي شئ كان من أعضاء هذه البقرة فالمعجزة حاصلة به وخرق العادة به كائن وقد كان معينا في نفس الامر فلو كان في تعيينه لنا فائدة تعود علينا في أمر الدين أو الدنيا لبينه الله تعالى لنا ولكنه أبهمه ولم يجئ من طريق صحيح عن معصوم بيانه فنحن نبهمه كما أبهمه الله، ولهذا قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان حدثنا عفان بن مسلم حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إن أصحاب بقرة بني إسرائيل طلبوها أربعين سنة حتى وجدوها عند رجل في بقر له وكانت بقرة تعجبه قال فجعلوا يعطونه بها فيأبى حتى أعطوه ملء مسكها دنانير فذبحوها فضربوه - يعني القتيل - بعضو منها فقام تشخب أوداجه دم فقالوا له من قتلك؟ قال قتلني فلان، وكذا قال الحسن وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنه ضرب ببعضها، وفي رواية عن ابن عباس أنه ضرب بالعظم الذي يلي الغضروف. وقال عبد الرزاق أنبأنا معمر قال: قال أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة ضربوا القتيل ببعض لحمها، قال معمر: قال قتادة ضربوه بلحم فخذها فعاش فقال قتلني فلان، وقال وكيع بن الجراح في تفسيره: حدثنا النضر بن عربي عن عكرمة " فقلنا اضربوه ببعضها " فضرب بفخذها فقام فقال قتلني فلان، قال ابن أبي حاتم وروى عن مجاهد وقتادة وعكرمة نحو ذلك. وقال السدي فضربوه بالبضعة التي بين الكفتين فعاش فسألوه فقال قتلني ابن أخي وقال أبو العالية أمرهم موسى عليه السلام أن يأخذوا عظما من عظامها فيضربوا به القتيل ففعلوا فرجع إليه روحه فسمى لهم قاتله ثم عاد ميتا كما كان، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم:
فضربوه ببعض ارابها وقيل بلسانها وقيل بعجب ذنبها، وقوله تعالى " كذلك يحيى الله الموتى " أي فضربوه فحي ونبه تعالى على قدرته وإحيائه الموتى بما شاهدوه من أمر القتيل جعل تبارك وتعالى ذلك الصنيع حجة لهم على المعاد، وفاصلا ما كان بينهم من الخصومة والعناد، والله تعالى قد ذكر في هذه السورة مما خلقه من إحياء الموتى في خمسة مواضع " ثم بعثناكم من بعد موتكم " وهذه القصة وقصة الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت