على الترتيب لأنها لو وجبت على الترتيب لوجبت البداءة بالأغلظ، وثانيها: قدم الاطعام لأنه أسهل لكون الطعام أعم وجودا، والمقصود منه التنبيه على أنه تعالى يراعي التخفيف والتسهيل في التكاليف، وثالثها: أن الاطعام أفضل لأن الحر الفقير قد لا يجد الطعام، ولا يكون هناك من يعطيه الطعام فيقع في الضر، أما العبد فإنه يجب على مولاه إطعامه وكسوته. ثم قال تعالى: * (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام) * وفيه مسائل: المسألة الأولى: قال الشافعي رحمه الله: إذا كان عنده قوته وقوت عياله يومه وليلته ومن الفضل ما يطعم عشرة مساكين لزمته الكفارة بالاطعام، وإن لم يكن عنده هذا القدر جاز له الصيام وعند أبي حنيفة رحمه الله، يجوز له الصيام إذا كان عنده من المال ما لا يجب فيه الزكاة، فجعل من لا زكاة عليه عادما. حجة الشافعي رحمه الله، أنه تعالى علق جواز الصيام على عدم وجدان هذه الثلاثة، والمعلق على الشرط عدم عند عدم الشرط، فعند عدم وجدان هذه الثلاثة وجب أن لا يجوز الصوم، تركنا العمل به عند وجدان قوت نفسه وقت عياله يوما وليلة لأن ذلك كالأمر المضطر إليه، وقد رأينا في الشرع أنه متى وقع التعارض في حق النفس وحق الغير كان تقديم حق النفس واجبا، فوجب أن تبقى الآية معمولا بها في غير هذه الصورة. المسألة الثانية: قال الشافعي رحمه الله في أصح قوليه: أنه يصوم ثلاثة أيام إن شاء متتابعة وإن شاء متفرقة. وقال أبو حنيفة: يجب التتابع. حجة الشافعي: أنه تعالى أوجب صيام ثلاثة أيام، والآتي بصوم ثلاثة أيام على التفرق آت بصوم ثلاثة أيام، فوجب أن يخرج عن العهدة. حجة أبي حنيفة رحمه الله، ما روي في قراءة أبي بن كعب وابن مسعود: فصوم ثلاثة أيام متتابعات، وقراءتهما لا تختلف عن روايتهما. والجواب أن القراءة الشاذة مردودة لأنها لو كانت قرآنا لنقلت نقلا متواترا، إذ لو جوزنا في القرآن أن لا ينقل على التواتر لزم طعن الروافض والملاحدة في القرآن وذلك باطل، فعلمنا أن القراءة الشاذة مردودة، فلا تصلح لأن تكون حجة. وأيضا نقل في قراءة أبي بن كعب أنه قرأ (فعدة من أيام أخر متتابعات) مع أن التتابع هناك ما كان شرطا، وأجابوا عنه بأنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال له علي أيام من رمضان أفأقضيها متفرقات؟ فقال عليه الصلاة والسلام: " أرأيت لو كان عليك دين فقضيت الدرهم فالدرهم أما كان يجزيك قال بلى، قال
(٧٧)