يدخلهم الجنة، أو يرفع منازلهم في عليين، أو يسكنهم مع الأنبياء والصديقين. فمعلوم أن قائل ذلك غير قاصد بقيله إلى أن جزاء كل مؤمن آمن بالله ورسوله، فهو في مرتبة واحدة من هذه المراتب ومنزلة واحدة من هذه المنازل بإيمانه، بل المعقول عنه أن معناه: أن جزاء المؤمن لم يخلو عند الله من بعض هذه المنازل، فالمقتصد منزلته دون منزلة السابق بالخيرات، والسابق بالخيرات أعلى منه منزلة، والظالم لنفسه دونهما، وكل في الجنة كما قال جل ثناؤه: جنات عدن يدخلونها. فكذلك معنى المعطوف بأو في قوله: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله... الآية، إنما هو التعقيب. فتأويله: إن الذي يحارب الله ورسوله، ويسعى في الأرض فسادا، لن يخلو من أن يستحق الجزاء بإحدى هذه الخلال الأربع التي ذكرها الله عز ذكره، لا أن الامام محكم فيه، ومخير في أمره كائنة ما كانت حالته، عظمت جريرته أو خفت لان ذلك لو كان كذلك لكان للامام قتل من شهر السلاح مخيفا السبيل وصلبه، وإن لم يأخذ مالا ولا قتل أحدا، وكان له نفي من قتل وأخذ المال وأخاف السبيل. وذلك قول إن قاله قائل خلاف ما صحت به الآثار عن رسول الله (ص) من قوله: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: رجل قتل رجلا فقتل به، أو زنى بعد إحصان فرجم، أو ارتد عن دينه وخلاف قوله: القطع في ربع دينار فصاعدا وغير المعروف من أحكامه.
فإن قال قائل: فإن هذه الأحكام التي ذكرت كانت عن رسول الله (ص) في غير المحارب، وللمحارب حكم غير ذلك منفرد به؟ قيل له: فما الحكم الذي انفرد به المحارب في سننه، فإن ادعى عنه (ص) حكما خلاف الذي ذكرنا، أكذبه جميع أهل العلم، لان ذلك غير موجود بنقل واحد ولا جماعة، وإن زعم أن ذلك الحكم هو ما في ظاهر الكتاب. قيل له: فإن أحسن حالاتك أن يسلم لك أن ظاهر الآية قد يحتمل ما قلت، وما قاله من خالفك فما برهانك على أن تأويلك أولى بتأويل الآية من تأويله. وبعد: فإذا كان