بكلامي لم تكن شيئا. قال: أي رب هل في خلقك شئ يشبه كلامك؟ فقال: لا، وأقرب خلقي شبها بكلامي، أشد ما يسمع من الصواعق.
حدثنا ابن عبد الرحيم، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا زهير، عن يحيى، عن الزهري، عن أبي بكر ابن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام، عن جزء بن جابر، أنه سمع كعبا يقول: لما كلم الله موسى بالألسنة قبل لسانه، طفق موسى يقول: أي رب، إني لا أفقه هذا حتى كلمه الله آخر الألسنة بمثل لسانه، فقال موسى: أي رب هذا كلامك؟ قال الله: لو كلمتك بكلامي لم تكن شيئا. قال: يا رب، فهل من خلقك شئ يشبه كلامك؟ قال: لا، وأقرب خلقي شبها بكلامي، أشد ما يسمع من الصواعق. القول في تأويل قوله تعالى: * (رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما) *..
يعني جل ثناؤه بذلك: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ومن ذكر من الرسل رسلا فنصب به الرسل على القطع من أسماء الأنبياء الذين ذكر أسماءهم. مبشرين يقول: أرسلتهم رسلا إلى خلقي وعبادي مبشرين بثوابي من أطاعني واتبع أمري وصدق رسلي، ومنذرين عقابي من عصاني وخالف أمري وكذب رسلي.
لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل يقول: أرسلت رسلي إلى عبادي مبشرين ومنذرين، لئلا يحتج من كفر بي وعبد الأنداد من دوني، أو ضل عن سبيلي بأن يقول إن أردت عقابه: لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى، فقطع حجة كل مبطل ألحد في توحيده وخالف أمره بجميع معاني الحجج القاطعة عذره، إعذارا منه بذلك إليهم، لتكون لله الحجة البالغة عليهم وعلى جميع خلقه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل فيقولوا: ما أرسلت إلينا رسلا.
وكان الله عزيرا حكيما يقول: ولم يزل الله ذا عزة في انتقامه ممن انتقم من خلقه