قال أبو جعفر: وأولى القراءتين في ذلك بالصواب عندنا، قراءة من قرأ: وآتينا داود زبورا بفتح الزاي على أنه اسم الكتاب الذي أوتيه داود، كما سمى الكتاب الذي أوتيه موسى التوراة، والذي أوتيه عيسى الإنجيل، والذي أوتيه محمد الفرقان، لان ذلك هو الاسم المعروف به ما أوتي داود، وإنما تقول العرب زبور داود، وبذلك يعرف كتابه سائر الأمم. القول في تأويل قوله تعالى: * (ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما) *..
يعني بذلك جل ثناؤه: إنا أوحينا إليك، كما أوحينا إلى نوح، وإلى رسل قد قصصناهم عليك، ورسل لم نقصصهم عليك. فلعل قائلا أن يقول: فإذا كان ذلك معناه، فما بال قوله: ورسلا منصوبا غير مخفوض؟ قيل: نصب ذلك إذا لم تعد عليه إلى التي خفضت الأسماء قبله، وكانت الأسماء قبلها وإن كانت مخفوضة، فإنها في معنى النصب، لان معنى الكلام: إنا أرسلناك رسولا كما أرسلنا نوحا والنبيين من بعده، فعطفت الرسل على معنى الأسماء قبلها في الاعراب، لانقطاعها عنها دون ألفاظها، إذ لم يعد عليها ما خفضها، كما قال الشاعر:
لو جئت بالخبز له منشرا * والبيض مطبوخا معا والسكرا لم يرضه ذلك حتى يسكرا وقد يحتمل أن يكون نصب الرسل، لتعلق الواو بالفعل، بمعنى: وقصصنا رسلا عليك من قبل، كما قال جل ثناؤه: يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما، وقد ذكر أن ذلك في قراءة أبي: ورسل قد قصصناهم عليك من قبل ورسل لم نقصصهم عليك فرفع ذلك إذا قرئ كذلك بعائد الذكر في قوله: قصصناهم عليك.
وأما قوله: وكلم الله موسى تكليما فإنه يعني بذلك جل ثناؤه: وخاطب الله بكلامه موسى خطابا. وقد: