منهم في معاصي الله وخلاف أمره، ويتعدون حدوده التي حد لهم فيما أحل لهم وحرم عليهم في أكلهم السحت، وذلك الرشوة التي يأخذونها من الناس على الحكم بخلاف حكم الله فيهم. يقول الله تعالى ذكره: لبئس ما كانوا يعملون يقول: أقسم لبئس العمل ما كان هؤلاء اليهود يعملون في مسارعتهم في الاثم والعدوان وأكلهم السحت. القول في تأويل قوله تعالى: * (لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الاثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون) *..
يقول تعالى ذكره: هلا ينهى هؤلاء الذين يسارعون في الاثم والعدوان وأكل الرشا في الحكم من اليهود من بني إسرائيل ربانيوهم، وهم أئمتهم المؤمنون، وساستهم العلماء بسياستهم وأحبارهم، وهم علماؤهم وقوادهم عن قولهم الاثم يعني: عن قول الكذب والزور وذلك أنهم كانوا يحكمون فيهم بغير حكم الله، ويكتبون كتبا بأيديهم ثم يقولون:
هذا من حكم الله، وهذا من كتبه. يقول الله: فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون.
وأما قوله: وأكلهم السحت فإنه يعني به الرشوة التي كانوا يأخذونها على حكمهم بغير كتاب الله لمن حكموا له به. وقد بينا معنى الربانيين والأحبار ومعنى السحت بشواهد ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. لبئس ما كانوا يصنعون وهذا قسم من الله أقسم به، يقول تعالى ذكره: أقسم لبئس الصنيع كان يصنع هؤلاء الربانيون والأحبار في تركهم نهى الذين يسارعون منهم في الاثم والعدوان وأكل السحت عما كانوا يفعلون من ذلك. وكان العلماء يقولون: ما في القرآن آية أشد توبيخا للعلماء من هذه الآية ولا أخوف عليهم منها.
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الله بن داود، قال: ثنا سلمة بن نبيط،