(وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كثير منهم والله بصير بما يعملون) *..
يقول تعالى: وظن هؤلاء الإسرائيليون الذين وصف تعالى ذكره صفتهم أنه أخذ ميثاقهم وأنه أرسل إليهم رسلا، وأنهم كانوا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسم كذبوا فريقا وقتلوا فريقا، أن لا يكون من الله لهم ابتلاء واختبار بالشدائد من العقوبات بما كانوا يفعلون. فعموا وصموا يقول: فعموا عن الحق والوفاء بالميثاق الذي أخذته عليهم من إخلاص عبادتي، والانتهاء إلى أمري ونهيي، والعمل بطاعتي بحسبانهم ذلك وظنهم، وصموا عنه. ثم تبت عليهم، يقول: ثم هديتهم بلطف مني لهم، حتى أنابوا ورجعوا عما كانوا عليهم من معاصي وخلاف أمري، والعمل بما أكرهه منهم إلى العمل بما أحبه، والانتهاء إلى طاعتي وأمري ونهيي. ثم عموا وصموا كثير منهم يقول: ثم عموا أيضا عن الحق والوفاء بميثاقي الذي أخذته عليهم من العمل بطاعتي والانتهاء إلى أمري واجتناب معاصي، وصموا كثير منهم يقول: عمي كثير من هؤلاء الذين كنت أخذت ميثاقهم من بني إسرائيل باتباع رسلي والعمل بما أنزلت إليهم من كتبي عن الحق، وصموا بعد توبتي عليهم واستنقاذي إياهم من الهلكة. والله بصير بما يعملون يقول: بصير فيرى أعمالهم خيرها وشرها، فيجازيهم يوم القيامة بجميعها، إن خيرا فخيرا وإن شرا فشر.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وحسبوا أن لا تكون فتنة... الآية، يقول: حسب القوم أن لا يكون بلاء فعموا وصموا، كلما عرض بلاء ابتلوا به هلكوا فيه.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: وحسبوا أن لا تكون فتنة فعموا وصموا يقول: حسبوا أن لا يبتلوا، فعموا عن الحق وصموا.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن مبارك، عن الحسن: وحسبوا أن لا تكون فتنة قال بلاء.