(وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون) *..
يعني تعالى ذكره بقوله: وأن احكم بينهم بما أنزل الله وأنزلنا إليك يا محمد الكتاب، مصدقا لما بين يديه من الكتاب، وأن احكم بينهم ف أن في موضع نصب بالتنزيل.
ويعني بقوله: بما أنزل الله: بحكم الله الذي أنزله إليك في كتابه.
وأما قوله: ولا تتبع أهواءهم فإنه نهي من الله نبيه محمدا (ص) أن يتبع أهواء اليهود الذين احتكموا إليه في قتيلهم وفاجريهم، وأمر منه له بلزوم العمل بكتابه الذي أنزله إليه. وقوله: واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك يقول تعالى ذكره لنبيه (ص): واحذر يا محمد هؤلاء اليهود الذين جاؤوك محتكمين إليك أن يفتنوك، فيصدوك عن بعض ما أنزل الله إليك من حكم كتابه، فيحملوك على ترك العمل به واتباع أهوائهم.
وقوله: فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم يقول تعالى ذكر: فإن تولى هؤلاء اليهود الذين اختصموا إليك عنك، فتركوا العمل بما حكمت به عليهم، وقضيت فيهم، فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم، يقول: فاعلم أنهم لم يتولوا عن الرضا بحكمك وقد قضيت بالحق إلا من أجل أن الله يريد أن يتعجل عقوبتهم في عاجل الدنيا ببعض ما قد سلف من ذنوبهم. وإن كثيرا من الناس لفاسقون يقول: وإن كثيرا من اليهود لفاسقون، يقول: لتاركوا العمل بكتاب الله، والخارجون عن طاعته إلى معصيته.
وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الرواية عن أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، قال:
ثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، قال: ثني سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال كعب بن أسد وابن صوريا وشاس بن قيس بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه عن دينه فأتوه فقالوا: يا محمد إنك قد عرفت أنا أحبار يهود وأشرافهم وساداتهم، وأنا إن اتبعناك اتبعنا يهود ولم يخالفونا، وإن بيننا وبين قومنا