وقلت عليكم مالكا إن مالكا سيعصمكم إن كان في الناس عاصم يعني: يمنعكم. وأما قوله: إن الله لا يهدي القوم الكافرين فإنه يعني: إن الله لا يوفق للرشد من حاد عن سبيل الحق وجار عن قصد السبيل وجحد ما جئته به من عند الله، ولم ينته إلى أمر الله وطاعته فيما فرض عليه وأوجبه. القول في تأويل قوله تعالى: * (قل يأهل الكتاب لستم على شئ حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين) *..
وهذا أمر من الله تعالى ذكره نبيه (ص) بابلاغ اليهود والنصارى الذين كانوا بين ظهراني مهاجره، يقول تعالى ذكره له: قل يا محمد لهؤلاء اليهود والنصارى: يا أهل الكتاب التوراة والإنجيل، لستم على شئ مما تدعون أنكم عليه مما جاءكم به موسى (ص) معشر اليهود، ولا مما جاءكم به عيسى معشر النصارى، حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم ما جاءكم به محمد (ص) من الفرقان، فتعملوا بذلك كله وتؤمنوا بما فيه من الايمان بمحمد (ص) وتصديقه، وتقروا بأن كل ذلك من عند الله، فلا تكذبوا بشئ منه ولا تفرقوا بين رسل الله فتؤمنوا ببعض وتكفروا ببعض، فإن الكفر بواحد من ذلك كفر بجميعه، لان كتب الله يصدق بعضها بعضا، فمن كذب ببعضها فقد كذب بجميعها. وبنحو الذي قلنا في ذلك جاء الأثر:
حدثنا هناد بن السري وأبو كريب، قالا: ثنا يونس بن بكير، قال: ثنا محمد بن إسحاق، قال: ثني محمد بن أبي محمد مولي زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: جاء رسول الله (ص) رافع بن حارثة، وسلام بن مسكين، ومالك بن الصيف، ورافع بن حرملة، فقالوا: يا محمد ألست تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه، وتؤمن بما عندنا من التوراة، وتشهد أنها من الله حق؟ فقال