يقول تعالى ذكره لنبيه: لا تحزن يا محمد على تكذيب هؤلاء الكفار من اليهود والنصارى من بني إسرائيل لك، فإن مثل ذلك منهم عادة وخلق في أنبيائهم، فكيف فيك؟.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: وليزيدن كثيرا منهم أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا قال: الفرقان. يقول: فلا تحزن.
حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قوله: فلا تأس على القوم الكافرين قال: لا تحزن. القول في تأويل قوله تعالى: * (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) *..
يقول تعالى ذكره: إن الذين صدقوا الله ورسوله، وهم أهل الاسلام، والذين هادوا وهم اليهود والصابئون. وقد بينا أمرهم. والنصارى من آمن منهم بالله واليوم الآخر فصدق بالبعث بعد الممات، وعمل من العمل صالحا لمعاده، فلا خوف عليهم فيما قدموا عليه من أهوال القيامة، ولا هم يحزنون على ما خلفوا وراءهم من الدنيا وعيشها بعد معاينتهم ما أمر مهم الله به من جزيل ثوابه. وقد بينا وجه الاعراب فيه فيما مضى قبل بما أغنى عن إعادته. القول في تأويل قوله تعالى: * (لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون) *..
يقول تعالى ذكره: أقسم لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل على الاخلاص وتوحيدنا، والعمل بما أمرناهم به، والانتهاء عما نهيناهم عنه وأرسلنا إليهم بذلك رسلا، ووعدناهم على ألسن رسلنا إليهم على العمل بطاعتنا الجزيل من الثواب، وأوعدناهم على العمل بمعصيتنا الشديد من العقاب، كلما جاءهم رسول لنا بما لا تشتهيه نفوسهم ولا يوافق محبتهم كذبوا منهم فريقا ويقتلون منهم فريقا، نقضا لميثاقنا الذي أخذناه عليهم، وجراءة علينا وعلى خلاف أمرنا. القول في تأويل قوله تعالى: *