(ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون) *..
يقول عز ذكره: وأخذنا من النصارى الميثاق على طاعتي وأداء فرائضي واتباع رسلي والتصديق بهم، فسلكوا في ميثاقي الذي أخذته عليهم منهاج الأمة الضالة من اليهود، فبدلوا كذلك دينهم ونقضوا نقضهم وتركوا حظهم من ميثاقي الذي أخذته عليهم بالوفاء بعهدي وضيعوا أمري. كما:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به: نسوا كتاب الله بين أظهرهم، وعهد الله الذي عهده إليهم، وأمر الله الذي أمرهم به.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: قالت النصارى مثل ما قالت اليهود، ونسوا حظا مما ذكروا به.
القول في تأويل قوله تعالى: فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة.
يعني تعالى ذكره بقوله: فأغرينا بينهم: حرشنا بينهم وألقينا، كما نغزي الشئ بالشئ. يقول جل ثناؤه: لما ترك هؤلاء النصارى الذين أخذت ميثاقهم بالوفاء بعهدي حظهم، مما عهدت إليهم من أمري ونهيي، أغريت بينهم العداوة والبغضاء.
ثم اختلف أهل التأويل في صفة إغراء الله بينهم العداوة والبغضاء، فقال بعضهم:
كان إغراؤه بينهم بالأهواء التي حدثت بينهم. ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا العوام بن حوشب، عن إبراهيم النخعي في قوله: فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء قال: هذه الأهواء المختلفة، والتباغض فهو الاغراء.
حدثنا سفيان بن وكيع، قال: ثنا يزيد بن هارون، عن العوام بن حوشب، قال:
سمعت النخعي يقول: فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء قال: أغرى بعضهم ببعض بخصومات بالجدال في الدين.