كل بطن رجل وامرأة، فولدت امرأة وسيمة، وولدت امرأة دميمة قبيحة، فقال أخو الدميمة: أنكحني أختك وأنكحك أختي قال: لا، أنا أحق بأختي. فقربا قربانا فتقبل من صاحب الكبش، ولم يتقبل من صاحب الزرع، فقتله. فلم يزل ذلك الكبش محبوسا عند الله حتى أخرجه في فداء إسحاق، فذبحه على هذا الصفا في ثبير عند منزل سمرة الصراف، وهو على يمينك حين ترمي الجمار. قال ابن جريج: وقال آخرون بمثل هذه القصة. قال: فلم يزل بنو آدم على ذلك حتى مضى أربعة آباء، فنكح ابنة عمه، وذهب نكاح الأخوات.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله عز ذكره قد أخبر عن القاتل أنه قتل أخاه، ولا خبر عندنا يقطع العذر بصفته قتله إياه. وجائز أن يكون على نحو ما قد ذكر السدي في خبره، وجائز أن يكون كان على ما ذكره مجاهد، والله أعلم أي ذلك كان، غير أن القتل قد كان لا شك فيه.
وأما قوله: فأصبح من الخاسرين فإن تأويله فأصبح القاتل أخاه من ابني آدم من حزب الخاسرين، وهم الذين باعوا آخرتهم بدنياهم بإيثارهم إياها عليها فوكسوا في بيعهم وغبنوا فيه، وخابوا في صفقتهم. القول في تأويل قوله تعالى: * (فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي فأصبح من النادمين) *..
قال أبو جعفر: وهذا أيضا أحد الأدلة على أن القول في أمر ابني آدم بخلاف ما رواه عمرو عن الحسن لان الرجلين اللذين وصف الله صفتهما في هذه الآية لو كانا من بني إسرائيل لم يجهل القاتل دفن أخيه ومواراة سوأة أخيه، ولكنهما كانا من ولد آدم لصلبه.
ولم يكن القاتل منهما أخاه علم سنة الله في عادة الموتى، ولم يدر ما يصنع بأخيه المقتول، فذكر أنه كان يحمله على عاتقه حينا حتى أراحت جيفته، فأحب الله تعريفه السنة في موتى خلقه، فقيض له الغرابين اللذين وصف صفتهما في كتابه.