قتادة، عن سعيد بن المسيب، أنه قال في المحارب: ذلك إلى الامام، إذا أخذه يصنع به ما شاء.
حدثنا هناد، قال: ثنا أبو أسامة، عن أبي هلال، قال: ثنا هارون، عن الحسن في المحارب، قال: ذاك إلى الامام يصنع به ما شاء.
حدثنا هناد، قال: ثنا حفص بن غياث، عن عاصم، عن الحسن: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله قال: ذلك إلى الامام.
واعتل قائلو هذه المقالة بأن قالوا: وجدنا العطوف التي بأو في القرآن بمعنى التخيير في كل ما أوجب الله به فرضا منها، وذلك كقوله في كفارة اليمين: فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة، وكقوله: فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك، وكقوله: فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما. قالوا: فإذا كانت العطوف التي بأو في القرآن في كل ما أوجب الله به فرضا منها في سائر القرآن بمعنى التخيير، فكذلك ذلك في آية المحاربين الامام مخير فيما رأى الحكم به على المحارب إذا قدر عليه قبل التوبة.
وأولى التأويلين بالصواب في ذلك عندنا تأويل من أوجب على المحارب من العقوبة على قدر استحقاقه وجعل الحكم على المحاربين مختلفا باختلاف أفعالهم، فأوجب على مخيف السبيل منهم إذا قدر عليه قبل التوبة وقبل أخذ مال أو قتل: النفي من الأرض وإذا قدر عليه بعد أخذ المال وقتل النفس المحرم قتلها: الصلب لما ذكرت من العلة قبل لقائلي هذه المقالة. فأما ما اعتل به القائلون: إن الامام فيه بالخيار من أن أو في العطف تأتي بمعنى التخيير في الفرض، فنقول: لا معنى له، لان أو في كلام العرب قد تأتي بضروب من المعاني لولا كراهة إطالة الكتاب بذكرها لذكرتها، وقد بينت كثيرا من معانيها فيما مضى وسنأتي على باقيها فيما يستقبل في أماكنها إن شاء الله. فأما في هذا الموضع فإن معناها: التعقيب، وذلك نظير قول القائل: إن جزاء المؤمنين عند الله يوم القيامة أن