حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله: وتعاونوا على البر والتقوى قال: البر: ما أمرت به، والتقوى: ما نهيت عنه.
القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا الله إن الله شديد العقاب.
وهذا وعيد من الله جل ثناؤه وتهديد لمن اعتدى حده وتجاوز أمره. يقول عز ذكره:
واتقوا الله يعني: واحذروا الله أيها المؤمنون أن تلقوه في معادكم وقد اعتديتم حده فيما حد لكم وخالفتم أمره فيما أمركم به أو نهيه فيما نهاكم عنه، فتستوجبوا عقابه وتستحقوا أليم عذابه ثم وصف عقابه بالشدة، فقال عز ذكره: إن الله شديد عقابه لمن عاقبه من خلقه، لأنها نار لا يطفأ حرها، ولا يخمد جمرها، ولا يسكن لهبها. نعوذ بالله منها ومن عمل يقربنا منها. القول في تأويل قوله تعالى: * (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لاثم فإن الله غفور رحيم) *..
يعني بذلك جل ثناؤه: حرم الله عليكم أيها المؤمنون الميتة، والميتة: كل ما له نفس سائلة من دواب البر وطيره، مما أباح الله أكلها، وأهليها ووحشيها، فارقتها روحها بغير تذكية. وقد قال بعضهم: الميتة: هو كل ما فارقته الحياة من دواب البر وطيره بغير تذكية مما أحل الله أكله. وقد بينا العلة الموجبة صحة القول بما قلنا في ذلك في كتابنا: كتاب اللطيف القول في الاحكام. وأما الدم، فإن الدم المسفوح دون ما كان منه غير مسفوح، لان الله جل ثناؤه قال: قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير: فأما ما كان قد صار في معنى اللحم كالكبد والطحال، وما كان في اللحم غير منسفح، فإن ذلك غير حرام، لاجماع الجميع على ذلك.