الذين هذه صفتهم أهل الجحيم، يعني: أهل النار الذين يخلدون فيها ولا يخرجون منها أبدا. القول في تأويل قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون) *..
يعني بذلك جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا: أقروا بتوحيد الله ورسالة رسوله (ص) وما جاءهم به من عند ربهم. اذكروا نعمت الله عليكم: اذكروا النعمة التي أنعم الله بها عليكم، فاشكروه عليها بالوفاء له بميثاقه الذي واثقكم به، والعقود التي عاقدتم نبيكم (ص) عليها. ثم وصف نعمته التي أمرهم جل ثناؤه بالشكر عليها مع سائر نعمه، فقال: هي كفه عنكم أيدي القوم الذين هموا بالبطش بكم، فصرفهم عنكم، وحال بينهم وبين ما أرادوه بكم.
ثم اختلف أهل التأويل في صفة هذه النعمة التي ذكر الله جل ثناؤه أصحاب نبيه (ص) بها وأمرهم بالشكر له عليها. فقال بعضهم: هو استنقاذ الله نبيه محمدا (ص) وأصحابه مما كانت اليهود من بني النضير هموا به يوم أتوهم يستحملونهم دية العامريين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر، قالا: خرج رسول الله (ص) إلى بني النضير ليستعينهم على دية العامريين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري فلما جاءهم خلا بعضهم ببعض، فقالوا: إنكم لن تجدوا محمدا أقرب منه الآن، فمروا رجلا يظهر على هذا البيت فيطرح عليه صخرة فيريحنا منه فقام عمرو بن جحاش بن كعب. فأتى رسول الله (ص) الخبر، وانصرف عنهم، فأنزل الله عز ذكره فيهم وفيما أراد هو وقومه: يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم... الآية.