على كفره به ومعصيته إياه بعد تثبيته حجته عليه برسله وأدلته، حكيما في تدبيره فيهم ما دبره. القول في تأويل قوله تعالى: * (لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا) *..
يعني بذلك جل ثناؤه: إن يكفر بالذي أوحينا إليك يا محمد اليهود الذين سألوك أن تنزل عليهم كتابا من السماء، وقالوا لك: ما أنزل الله على بشر من شئ فكذبوك، فقد كذبوا ما الامر، كما قالوا: لكن الله يشهد بتنزيله إليك ما أنزله من كتابه ووحيه، أنزل ذلك إليك بعلم منه بأنك خيرته من خلقه وصفيه من عباده، ويشهد لك بذلك ملائكته، فلا يحزنك تكذيب من كذبك، وخلاف من خالفك. وكفى بالله شهيدا يقول: وحسبك بالله شاهدا على صدقك دون ما سواه من خلقه، فإنه إذا شهد لك بالصدق ربك لم يضرك تكذيب من كذبك. وقد قيل: إن هذه الآية نزلت في قوم من اليهود دعاهم النبي (ص) إلى أتباعه، وأخبرهم أنهم يعلمون حقيقة نبوته، فجحدوا نبوته وأنكروا معرفته. ذكر الخبر بذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس، عن محمد بن إسحاق، قال: ثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، قال: ثني سعيد بن جبير، أو عكرمة، عن ابن عباس، قال: دخل على رسول الله (ص) جماعة من يهود، فقال لهم: إني والله أعلم أنكم لتعلمون أنى رسول الله فقالوا: ما نعلم ذلك. فأنزل الله: لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني ابن إسحاق، قال: ثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة وسعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: دخلت على رسول الله (ص) عصابة من اليهود، ثم ذكر نحوه.
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا شهود والله غير متهمة. القول في تأويل قوله تعالى: * (إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالا بعيدا) *..