الله عليه الجنة أن يسكنها في الآخرة، ومأواه النار يقول: ومرجعه ومكانه الذي يأوي إليه ويصير في معاده، من جعل لله شريكا في عبادته نار جهنم. وما للظالمين يقول:
وليس لمن فعل غير ما أباح الله له وعبد غير الذي له عبادة الخلق، من أنصار ينصرونه يوم القيامة من الله، فينقذونه منه إذا أورده جهنم. القول في تأويل قوله تعالى: * (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم) *..
وهذا أيضا خبر من الله تعالى ذكره عن فريق آخر من الإسرائيليين الذين وصف صفتهم في الآيات قبل أنه لما ابتلاهم بعد حسبانهم أنهم لا يبتلون ولا يفتنون، قالوا كفرا بربهم وشركا: الله ثالث ثلاثة. وهذا قول كان عليه جماهير النصارى قبل افتراق اليعقوبية والملكانية والنسطورية، كانوا فيما بلغنا يقولون: الاله القديم جوهر واحد يعم ثلاثة أقانيم: أبا والدا غير مولود، وابنا مولودا غير والد، وزوجا متتبعة بينهما. يقول الله تعالى ذكره مكذبا لهم فيما قالوا من ذلك: وما من إله إلا إله واحد يقول: ما لكم معبود أيها الناس إلا معبود واحد، وهو الذي ليس بوالد لشئ ولا مولود، بل هو خالق كل والد ومولود. وإن لم ينتهوا عما يقولون يقول: إن لم ينتهوا قائلو هذه المقالة عما يقولون من قولهم: الله ثالث ثلاثة، ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم يقول: ليمسن الذين يقولون هذه المقالة، والذين يقولون المقالة الأخرى هو المسيح ابن مريم لان الفريقين كلاهما كفرة مشركون، فلذلك رجع في الوعيد بالعذاب إلى العموم. ولم يقل: ليمسنهم عذاب أليم، لان ذلك لو قيل كذلك صار الوعيد من الله تعالى ذكره خاصا لقائل القول الثاني، وهم القائلون: الله ثالث ثلاثة، ولم يدخل فيهم القائلون: المسيح هو الله. فعم بالوعيد تعالى ذكره كل كافر، ليعلم المخاطبون بهذه الآيات أن وعيد الله وقد شمل كلا الفريقين من بين إسرائيل ومن كان من الكفار على مثل الذي هم عليه.
فإن قال قائل: وإن كان الامر على ما وصفت فعلى من عادت الهاء والميم اللتان في قوله: منهم؟ قيل: على بني إسرائيل.
فتأويل الكلام إذ أن الامر على ما وصفنا: وإن لم ينته هؤلاء الإسرائيليون عما يقولون في الله من عظيم القول، ليمسن الذين يقولون منهم إن المسيح هو الله والذين يقولون إن الله ثالث ثلاثة وكل كافر سلك سبيلهم عذاب أليم بكفرهم بالله.