وإنها لم تكن تفيض لبنا وعسلا، ولكن افعلوا واحدة، لا تعصوا الله، ولا تخشوا الشعب الذين بها، فإنهم جبناء، مدفوعون في أيدينا، إن حاربناهم ذهبت منهم، وإن الله معنا فلا تخشوهم. فأراد من بني إسرائيل أن يرجموهما بالحجارة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: ذكر لنا أنهم بعثوا اثني عشر رجلا، من كل سبط رجلا، عيونا لهم، وليأتوهم بأخبار القوم. فأما عشرة فجبنوا قومهم وكرهوا إليهم الدخول عليهم. وأما الرجلان فأمرا قومهما أن يدخلوها، وأن يتبعوا أمر الله، ورغبا في ذلك، وأخبرا قومهما أنهم غالبون إذا فعلوا ذلك.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: عليهم الباب قرية الجبارين.
القول في تأويل قوله تعالى: وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين.
وهذا أيضا خبر من الله عز وجل، عن قول الرجلين اللذين يخافان الله أنهما قالا لقوم موسى يشجعانهم بذلك، ويرغبانهم في المضي لأمر الله بالدخول على الجبارين في مدينتهم: توكلوا أيها القوم على الله في دخولكم عليهم ويقولان لهم: ثقوا بالله فإنه معكم إن أطعتموه فيما أمركم من جهاد عدوكم. وعنيا بقولهما إن كنتم مؤمنين: إن كنتم مصدقي نبيكم (ص)، فيما أنبأكم عن ربكم من النصرة والظفر عليهم، وفي غير ذلك من اخباره عن ربه، ومؤمنين بأن ربكم قادر على الوفاء لكم بما وعدكم من تمكينكم في بلاد عدوه وعدوكم. القول في تأويل قوله تعالى: * (قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون) *..
وهذا خبر من الله جل ذكره عن قول الملا من قوم موسى لموسى، إذ رغبوا في جهاد عدوهم، ووعدوا نصر الله إياهم، إن هم ناهضوهم، ودخلوا عليهم باب مدينتهم أنهم قالوا له: إنا لن ندخلها أبدا يعنون: إنا لن ندخل مدينتهم أبدا. والهاء والألف في قوله: إنا لن ندخلها من ذكر المدينة. ويعنون بقولهم: أبدا: أيام حياتنا ما داموا فيها، يعني: