أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك. قال: فأنزل الله عز وجل: فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه.
وقوله: فإن الله يتوب عليه يقول: فإن الله عز وجل يرجعه إلى ما يحب ويرضى عما يكرهه ويسخط من معصيته. وقوله: إن الله غفور رحيم يقول: إن الله عز ذكره ساتر على من تاب وأناب عن معاصيه إلى طاعته ذنوبه بالعفو عن عقوبته عليها يوم القيامة وتركه فضيحته بها على رؤوس الاشهاد، رحيم به وبعباده التائبين إليه من ذنوبهم. القول في تأويل قوله تعالى: * (ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شئ قدير) *..
يقول جل ثناؤه لنبيه محمد (ص): ألم يعلم هؤلاء القائلون: لن تمسنا النار إلا أياما معدودة الزاعمون أنهم أبناء الله وأحباؤه، أن الله مدبر ما في السماوات وما في الأرض، ومصرفه وخالقه، لا يمتنع شئ مما في واحدة منهما مما أراده لان كل ذلك ملكه وإليه أمره، ولا نسب بينه وبين شئ مما فيهما ولا مما في واحدة منهما فيحابيه بسبب قرابته منه فينجيه من عذابه وهو به كافر ولأمره ونهيه مخالف، أو يدخله النار وهو له مطيع لبعد قرابته منه ولكنه يعذب من يشاء من خلقه في الدنيا على معصيته بالقتل والخسف والمسخ وغير ذلك من صنوف عذابه، ويغفر لمن يشاء منهم في الدنيا بالتوبة عليه من كفره ومعصيته، فينقذه من الهلكة وينجيه من العقوبة. والله على كل شئ قدير يقول: والله على تعذيب من أراد تعذيبه من خلقه على معصيته وغفران ما أراد غفرانه منهم باستنقاذه من الهلكة بالتوبة عليه وغير ذلك من الأمور كلها قادر، لان الخلق خلقه والملك ملكه والعباد عباده. وخرج قوله: ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض خطابا له (ص)، والمعني به من ذكرت من فرق بني إسرائيل الذين كانوا بمدينة رسول الله (ص) وما حواليها. وقد بينا استعمال العرب نظير ذلك في كلامها بشواهده فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
القول في تأويل قوله تعالى: *