(وإذا جاؤوكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به والله أعلم بما كانوا يكتمون) *..
يقول تعالى ذكره: وإذا جاءكم أيها المؤمنون هؤلاء المنافقون من اليهود، قالوا لكم: آمنا: أي صدقنا بما جاء به نبيكم محمد (ص)، واتبعناه على دينه، وهم مقيمون على كفرهم وضلالتهم، قد دخلوا عليكم بكفرهم الذي يعتقدونه بقلوبهم ويضمرونه في صدورهم، وهم يبدون كذبا التصديق لكم بألسنتهم. وقد خرجوا به يقول: وقد خرجوا بالكفر من عندكم كما دخلوا به عليكم لم يرجعوا بمجيئهم إليكم عن كفرهم وضلالتهم، يظنون أن ذلك من فعلهم يخفى على الله جهلا منهم بالله. والله أعلم بما كانوا يكتمون يقول: والله أعلم بما كانوا عند قولهم لكم بألسنتهم: آمنا بالله وبمحمد وصدقنا بما جاء به، يكتمون منهم بما يضمرونه من الكفر بأنفسهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:
وإذا جاؤوكم قالوا آمنا... الآية: أنا من اليهود كانوا يدخلون على النبي (ص)، فيخبرونه أنهم مؤمنون راضون بالذي جاء به، وهم متمسكون بضلالتهم والكفر، وكانوا يدخلون بذلك ويخرجون به من عند نبي الله (ص).
حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: وإذا جاؤوكم قالوا آمنا، وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به قال: هؤلاء ناس من المنافقين كانوا يهود. يقول: دخلوا كفارا وخرجوا كفارا.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: وإذا جاؤوكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به وإنهم دخلوا وهم يتكلمون بالحق وتسر قلوبهم الكفر، فقال: دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به.
حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: وإذا جاءكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النار واكفروا آخره لعلهم يرجعون فإذا