(يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) *..
يعني بذلك جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا بالله وبرسوله محمد، ليكن من أخلاقكم وصفاتكم القيام لله، شهداء بالعدل في أوليائكم وأعدائكم، ولا تجوروا في أحكامكم وأفعالكم، فتجاوزوا ما حددت لكم في أعدائكم لعدواتهم لكم، ولا تقصروا فيما حددت لكم من أحكامي وحدودي في أوليائكم لولايتهم، ولكن انتهوا في جميعهم إلى حدي، واعملوا فيه بأمري.
وأما قوله: ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا فإنه يقول: ولا يحملنكم عداوة قوم على ألا تعدلوا في حكمكم فيهم وسيرتكم بينهم، فتجوروا عليهم من أجل ما بينكم وبينهم من العداوة.
وقد ذكرنا الرواية عن أهل التأويل في معنى قوله: كونوا قوامين بالقسط شهداء لله وفي قوله: ولا يجرمنكم شنآن قوم واختلاف المختلفين في قراءة ذلك والذي هو أولى بالصواب من القول فيه والقراءة بالأدلة الدالة على صحته بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وقد قيل: إن هذه الآية نزلت على رسول الله (ص) حين همت اليهود بقتله. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هوا أقرب للتقوى نزلت في يهود خيبر، أرادوا قتل النبي (ص).
وقال ابن جريج: قال عبد الله بن كثير: ذهب رسول الله (ص) إلى يهود يستعينهم في دية، فهموا أن يقتلوا، فذلك قوله: ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا... الآية.
القول في تأويل قوله تعالى: اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا إن الله خبير بما تعملون.