(ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون) *..
يعني تعالى ذكره بقوله: ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل ولو أنهم عملوا بما في التوراة والإنجيل، وما أنزل إليهم من ربهم يقول: وعملوا بما أنزل إليهم من ربهم من الفرقان الذي جاءهم به محمد (ص).
فإن قال قائل: وكيف يقيمون التوراة والإنجيل وما أنزل إلى محمد (ص)، مع اختلاف هذه الكتب ونسخ بعضها بعضا؟ قيل: وإن كانت كذلك في بعض أحكامها وشرائعها، فهي متفقة في الامر بالايمان برسل الله والتصديق بما جاءت به من عند الله فمعنى إقامتهم التوراة والإنجيل وما أنزل إلى محمد (ص) تصديقهم بما فيها والعمل بما هي متفقة فيه وكل واحد منها في الخبر الذي فرض العمل به.
وأما معنى قوله: لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم فإنه يعني: لأنزل الله عليهم من السماء قطرها، فأنبتت لهم به الأرض حبها ونباتها فأخرج ثمارها.
وأما قوله: ومن تحت أرجلهم فإنه يعني تعالى ذكره: لأكلوا من بركة ما تحت أقدامهم من الأرض، وذلك ما تخرجه الأرض من حبها ونباتها وثمارها، وسائر ما يؤكل مما تخرجه الأرض.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم يعني: لأرسل السماء عليهم مدرارا. ومن تحت أرجلهم:
تخرج الأرض بركتها.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم يقول: إذا لأعطتهم السماء بركتها والأرض نباتها.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن