منهم: نصب خيرا بفعل مضمر، واكتفى من ذلك المضمر كقوله: لا تفعل هذا وافعل الخير، وأجازه في غير أفعل، فقال: لا تفعل ذاك صلاحا لك. وقال آخر منهم: نصب خيرا على ضمير جواب: يكن خيرا لكم، وقال: كذلك كل أمر ونهي. القول في تأويل قوله تعالى: * (يأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له وما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا) *..
يعني جل ثناؤه بقوله: يا أهل الكتاب: يا أهل الإنجيل من النصارى، لا تغلوا في دينكم يقول: لا تجاوزوا الحق في دينكم فتفرطوا فيه، ولا تقولوا في عيسى غير الحق، فإن قيلكم في عيسى إنه ابن الله قول منكم على الله غير الحق، لان الله لم يتخذ ولدا، فيكون عيسى أو غيره من خلقه له ابنا. ولا تقولوا على الله إلا الحق وأصل الغلو في كل شئ: مجاوزة حده الذي هو حده، يقال منه في الدين قد غلا فهو يغلو غلوا، وغلا بالجارية عظمها ولحمها: إذا أسرعت الشباب، فجاوزت لذاتها، يغلو بها غلوا وغلاء ومن ذلك قول الحارث بن خالد المخزومي:
خمصانة قلق موشحها * رؤد الشباب غلا بها عظم وقد حدثنا المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قال: صاروا فريقين: فريق غلوا في الدين، فكان غلوهم فيه: الشك فيه والرغبة عنه. وفريق منهم قصروا عنه ففسقوا عن أمر ربهم.
القول في تأويل قوله تعالى: إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه.