وأما توجيه من وجه المقيمين إلى الإقامة، فإنه دعوى لا برهان عليها من دلالة ظاهر التنزيل ولا خبر تثبت حجته، وغير جائز نقل ظاهر التنزيل إلى باطن بغير برهان.
وأما قوله: والمؤتون الزكاة فإنه معطوف به على قوله: والمؤمنون يؤمنون وهو من صفتهم. وتأويله: والذين يعطون زكاة أموالهم من جعلها الله له وصرفها إليه والمؤمنون بالله واليوم الآخر يعني: والمصدقون بوحدانية الله وألوهيته، والبعث بعد الممات، والثواب والعقاب أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما يقول: هؤلاء الذين هذه صفتهم سنؤتيهم، يقول: سنعطيهم أجرا عظيما، يعني: جزاء على ما كان منهم من طاعة الله، واتباع أمره، وثواب عظيما، وذلك الجنة. القول في تأويل قوله تعالى: * (إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داوود زبورا) *.
يعني جل ثناؤه بقوله: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح: إنا أرسلنا إليك يا محمد بالنبوة كما أرسلنا إلى نوح وإلى سائر الأنبياء الذين سميتهم لك من بعد ه والذين لم أسمهم لك. كما:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جرير، عن الأعمش، عن منذر الثوري، عن الربيع بن خثيم في قوله: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده قال:
أوحى إليك كما أوحى إلى جميع النبيين من قبله.
وذكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله (ص)، لان بعض اليهود لما فضحهم الله بالآيات التي أنزلها على رسوله (ص)، وذلك من قوله: يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فتلا ذلك عليهم رسول الله (ص)، قالوا: ما أنزل الله على بشر من شئ بعد موسى. فأنزل الله هذه الآيات تكذيبا لهم، وأخبر نبيه والمؤمنين به أنه قد أنزل عليه بعد موسى وعلى من سماهم في هذه الآية وعلى آخرين لم يسمهم. كما:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس بن بكير، وحدثنا ابن حميد، قال: ثنا