وقد قال جماعة من أهل التأويل بنحو قولنا في أنه عنى بهذه الآيات: النصارى. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة قال: قالت النصارى: هو المسيح وأمه، فذلك قول الله تعالى: أ أنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال:
قال مجاهد: لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة نحوه. القول في تأويل قوله تعالى: * (أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم) *..
يقول تعالى ذكره: أفلا يرجع هذان الفريقان الكافران، القائل أحدهما: إن الله هو المسيح ابن مريم والآخر القائل: إن الله ثالث ثلاثة، عما قالا من ذلك، ويتوبان مما قالا وقطعا به من كفرهما، ويسألان ربهما المغفرة مما قالا. والله غفور لذنوب التائبين من خلقه، المنيبين إلى طاعته بعد معصيتهم، رحيم بهم ي قبوله توبتهم ومراجعتهم إلى ما يحب مما يكره، فيصفح بذلك من فعلهم عما سلف من إجرامهم قبل ذلك. القول في تأويل قوله تعالى: * (ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون) *..
وهذا (خبر) من الله تعالى ذكره احتجاجا لنبيه محمد (ص) على فرق النصارى في قولهم في المسيح. يقول مكذبا لليعقوبية في قيلهم: هو الله، والآخرين في قيلهم: هو ابن الله: ليس القول كما قال هؤلاء الكفرة في المسيح، ولكنه ابن مريم ولدته ولادة الأمهات أبناءهن، وذلك من صفة البشر لا من صفة خالق البشر، وإنما هو لله رسول كسائر رسله الذين كانوا قبله فمضوا وخلوا، أجرى على يده ما شاء أن يجريه عليها من الآيات والعبر حجة له على صدقه وعلى أنه لله رسول إلى من أرسله إليه من خلقه، كما أجرى على أيدي من قبله من الرسل من الآيات والعبر حجة لهم على حقيقة صدقهم في أنهم لله رسل. وأمه