كلاءة منه لكم، إذ كنتم من أهل الايمان به وبرسوله دون غيره، فإن غيره لا يطيق دفع سوء أراد بكم ربكم ولا اجتلاب نفع لكم لم يقضه لكم. القول في تأويل قوله تعالى: * (ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل) *..
وهذه الآية أنزلت إعلاما من الله جل ثناؤه نبيه (ص) والمؤمنين به، أخلاق الذين هموا ببسط أيديهم إليهم من اليهود. كالذي:
حدثنا الحرث بن محمد، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا مبارك، عن الحسن في قوله: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل قال: اليهود من أهل الكتاب.
وأن الذي هموا به من الغدر ونقض العهد الذي بينهم وبينه من صفاتهم وصفات أوائلهم وأخلاقهم وأخلاق أسلافهم قديما، واحتجاجا لنبيه (ص) على اليهود باطلاعه إياه على ما كان علمه عندهم دون العرب من خفي أمورهم ومكنون علومهم، وتوبيخا لليهود في تماديهم في الغي، وإصرارهم على الكفر مع علمهم بخطأ ما هم عليهم مقيمون. يقول الله لنبيه (ص): لا تستعظموا أمر الذين هموا ببسط أيديهم إليكم من هؤلاء اليهود بما هموا به لكم، ولا أمر الغدر الذي حاولوه وأرادوه بكم، فإن ذلك من أخلاق أوائلهم وأسلافهم، لا يعدون أن يكونوا على منهاج أولهم وطريق سلفهم. ثم ابتدأ الخبر عز ذكره عن بعض غدراتهم وخياناتهم وجرأتهم على ربهم ونقضهم ميثاقهم الذي واثقهم عليه بارئهم، مع نعمه التي خصهم بها، وكراماته التي طوقهم شكرها، فقال: ولقد أخذ الله ميثاق سلف من هم ببسط يده إليكم من يهود بني إسرائيل يا معشر المؤمنين بالوفاء له بعهوده وطاعته فيما أمرهم ونهاهم. كما: