كلام الله إلى الأفصح من لغات من نزل كلامه بلغته أولى ما وجد إلى ذلك سبيل من صرفه إلى غير ذلك.
فمعنى الكلام إذن: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بعقود الله التي عقد عليكم، مما حرم وأحل، لا محلين الصيد في حرمكم، ففيما أحل لكم من بهيمة الأنعام المذكاة دون ميتتها متسع لكم ومستغنى عن الصيد في حال إحرامكم.
القول في تأويل قوله تعالى: إن الله يحكم ما يريد.
يعني بذلك جل ثناؤه: إن الله يقضي في خلقه ما يشاء من تحليل ما أراد تحليله، وتحريم ما أراد تحريمه، وإيجاب ما شاء إيجابه عليهم، وغير ذلك من أحكامه وقضاياه، فأوفوا أيها المؤمنون له بما عقد عليكم من تحليل ما أحل لكم وتحريم ما حرم عليكم، وغير ذلك من عقوده فلا تنكثوها ولا تنقضوها. كما:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: إن الله يحكم ما يريد: إن الله يحكم ما أراد في خلقه، وبين لعباده، وفرض فرائضه، وحد حدوده، وأمر بطاعته، ونهى عن معصيته. القول في تأويل قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا وإذا حللتم فاصطادوا ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) *..
اختلف أهل التأويل في معنى قول الله: لا تحلوا شعائر الله فقال بعضهم: معناه:
لا تحلوا حرمات الله، ولا تتعدوا حدوده. كأنهم وجهوا الشعائر إلى المعالم، وتأولوا لا تحلوا شعائر الله: معالم حدود الله، وأمره، ونهيه، وفرائضه. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبد الوهاب الثقفي، قال: ثنا حبيب المعلم، عن عطاء أنه سئل عن شعائر الله، فقال: حرمات الله: اجتناب سخط الله، واتباع طاعته، فذلك شعائر الله.