وقد بينا معنى القربان فيما مضى، وأنه الفعلان من قول القائل: قرب، كما الفرقان:
الفعلان من فرق، والعدوان من عدا. وكانت قرابين الأمم الماضية قبل أمتنا كالصدقات والزكوات فينا، غير أن قرابينهم كان يعلم المتقبل منها وغير المتقبل فيما ذكر بأكل النار ما تقبل منها وترك النار ما لم يتقبل منها. والقربان في أمتنا: الأعمال الصالحة: من الصلاة، والصيام، والصدقة على أهل المسكنة، وأداء الزكاة المفروضة، ولا سبيل لها إلى العلم في عاجل بالمتقبل منها والمردود.
وقد ذكر عن عامر بن عبد الله العنبري، أنه حين حضرته الوفاة بكى، فقيل له: ما يبكيك، فقد كنت وكنت؟ فقال: يبكيني أني أسمع الله يقول: إنما يتقبل الله من المتقين.
حدثني بذلك محمد بن عمر المقدمي، قال: ثني سعيد بن عامر، عن همام، عمن ذكره، عن عامر.
وقد قال بعضهم: قربان المتقين: الصلاة.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا حفص بن غياث، عن عمران بن سليم، عن عدي بن ثابت، قال: كان قربان المتقين: الصلاة. القول في تأويل قوله تعالى: * (لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين) *..
وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن المقتول من ابني آدم أنه قال لأخيه لما قال له أخوه القاتل لأقتلنك: والله لئن بسطت إلي يدك يقول: مددت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك. يقول: ما أنا بماد يدي إليك لأقتلك.
وقد اختلف في السبب الذي من أجله قال المقتول ذلك لأخيه ولم يمانعه ما فعل به، فقال بعضهم: قال ذلك إعلاما منه لأخيه القاتل أنه لا يستحل قتله ولا بسط يده إليه بما لم يأذن الله به. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا عوف عن أبي