تعدوا في السبت يعني بقوله: لا تعدوا في السبت: لا تتجاوزوا في يوم السبت ما أبيح لكم إلى ما لم يبح لكم. كما:
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:
وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا قال: كنا نحدث أنه باب من أبواب بيت المقدس.
وقلنا لهم لا تعدوا في السبت أمر القوم أن لا يأكلوا الحيتان يوم السبت ولا يعرضوا لها، وأحل لهم ما وراء ذلك.
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء أمصار الاسلام: لا تعدوا في السبت بتخفيف العين من قول القائل: عدوت في الامر: إذا تجاوزت الحق فيه، أعدو عدوا وعدوانا وعداء. وقرأ ذلك بعض قراء أهل المدينة: وقلنا لهم لا تعدوا بتسكين العين وتشديد الدال والجمع بين ساكنين، بمعنى: تعتدوا ثم تدغم التاء في الدال فتصير دالا مشددة مضمومة، كما قرأ من قرأ: أم من لا يهدي بتسكين الهاء. وقوله وأخذنا منهم ميثاقا غليظا يعني: عهدا مؤكدا شديدا، بأنهم يعملون بما أمرهم الله به وينتهون عما نهاهم الله عنه مما ذكره في هذه الآية ومما في التوراة. وقد بينا فيما مضى السبب الذي من أجله كانوا أمروا بدخول الباب سجدا، وما كان من أمرهم في ذلك، وخبرهم وقصتهم، وقصة السبت، وما كان اعتداؤهم فيه، بما أغنى عن إعادته لفي هذا الموضع. القول في تأويل قوله تعالى: * (فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا) *.
يعني جل ثناؤه: فبنقض هؤلاء الذين وصفت صفتهم من أهل الكتاب ميثاقهم، يعني عهودهم التي عاهدوا الله أن يعملوا بما في التوراة. وكفرهم بآيات الله يقول:
وجحودهم بآيات الله، يعني: بأعلام الله وأدلته التي احتج بها عليهم في صدق أنبيائه ورسله، وحقية ما جاؤوهم به من عنده. وقتلهم الأنبياء بغير حق يقول: وبقتلهم الأنبياء بعد قيام الحجة عليهم بنبوتهم بغير حق، يعني: بغير استحقاق منهم ذلك لكبيرة أتوها ولا خطيئة استوجبوا القتل عليها. وقولهم: قلوبنا غلف يعني: وبقولهم: قلوبنا غلف،