وأما قوله: وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط فإن معناه: وإن اخترت الحكم والنظر يا محمد بين أهل العهد إذا أتوك، فاحكم بينهم بالقسط، وهو العدل، وذلك هو الحكم بما جعله الله حكما في مثله على جميع خلقه من أمة نبينا (ص).
وبنحو ما قلنا في ذلك قال جماعة أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم والشعبي: وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط قالا: إن حكم بينهم حكم بما في كتاب الله.
حدثنا سفيان، قال: ثنا يزيد بن هاون، عن العوام بن حوشب، عن إبراهيم: وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط قال: أمر أن يحكم فيهم بالرجم.
حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن العوام، عن إبراهيم التيمي في قوله: وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط قال: بالرجم.
حدثنا المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: بالقسط: بالعدل.
حدثنا هناد، قال: ثنا هشيم، عن العوام بن حوشب، عن إبراهيم التيمي في قوله: فاحكم بينهم بالقسط قال: أمر أن يحكم بينهم بالرجم.
وأما قوله: إن الله يحب المقسطين فمعناه: إن الله يحب العاملين في حكمه بين الناس، القاضين بينهم بحكم الله الذي أنزله في كتابه وأمر أنبياءه صلوات الله عليهم، يقال منه: أقسط الحاكم في حكمه إذا عدل وقضى بالحق يقسط إقساطا به. وأما قسط فمعناه: الجور، ومنه قول الله تعالى: وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا يعني بذلك: الجائرين على الحق. القول في تأويل قوله تعالى: * (وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين) *..
يعني تعالى ذكره: وكيف يحكمك هؤلاء اليهود يا محمد بينهم، فيرضون بك حكما