وروي عن الضحاك أنه كان يقول في ذلك ما:
حدثني به جعفر بن محمد البزوري، قال: ثنا يعلى بن عبيد، عن الأجلح، قال: قلت للضحاك: ما المقربون؟ قال: أقربهم إلى السماء الثانية.
القول في تأويل قوله تعالى: ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا.
يعني جل ثناؤه بذلك: ومن يتعظم عن عبادة ربه، ويأنف من التذلل والخضوع له بالطاعة من الخلق كلهم، ويستكبر عن ذلك، فسيحشرهم إليه جميعا يقول: فسيبعثهم يوم القيامة جميعا، فيجمعهم لموعدهم عنده. القول في تأويل قوله تعالى: * (فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا) *..
يعني جل ثناؤه بذلك: فأما المؤمنون المقرون بوحدانية الله، الخاضعون له بالطاعة، المتذللون له بالعبودية، والعاملون الصالحات من الأعمال، وذلك أن يردوا على ربهم، قد آمنوا به وبرسله، وعملوا بما أتاهم به رسله من عند ربهم، من فعل ما أمرهم به، واجتناب ما أمرهم باجتنابه فيوفيهم أجورهم يقول: فيؤتيهم جزاء أعمالهم الصالحة وافيا تاما.
ويزيدهم من فضله يعني جل ثناؤه: ويزيدهم على ما وعدهم من الجزاء على أعمالهم الصالحة والثواب عليها من الفضل والزيادة ما لم يعرفهم مبلغه ولم يحد لهم منتهاه. وذلك أن الله وعد من جاء من عباده المؤمنين بالحسنة الواحدة عشر أمثالها من الثواب والجزاء، فذلك هو أجر كل عامل على عمله الصالح من أهل الايمان المحدود مبلغه، والزيادة على ذلك تفضل من الله عليهم، وإن كان كل ذلك من فضله على عباده غير أن الذي وعد عباده المؤمنين أن يوفيهم فلا ينقصهم من الثواب على أعمالهم الصالحة، هو ما حد مبلغه من العشر، والزيادة على ذلك غير محدود مبلغها، فيزيد من شاء من خلقه على ذلك قدر ما يشاء، لا حد لقدره يوقف عليه. وقد قال بعضهم: الزيادة إلى سبعمائة ضعف. وقال آخرون: إلى ألفين. وقد ذكرت اختلاف المختلفين في ذلك فيما مضى قبل بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.