جل ثناؤه لليهود الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله (ص) أنهم وغيرهم من سائر المشركين به سواء عنده فيما لهم من العذاب الأليم والعقاب العظيم، وذلك أنهم كان يقولون: لن تمسنا النار إلا أياما معدودة واغترارا بالله وكذبا عليه. فكذبهم تعالى ذكره بهذه الآية وبالتي بعدها، وحسم طمعهم، فقال لهم ولجميع الكفرة به وبرسوله: إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم يقول لهم جل ثناؤه: فلا تطمعوا أيها الكفرة في قبول الفدية منكم ولا في خروجكم من النار بوسائل آبائكم عندي بعد دخولكموها إن أنتم متم على كفركم الذي أنتم عليه، ولكن توبوا إلى الله توبة نصوحا. القول في تأويل قوله تعالى: * (يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم) *..
يعني جل ثناؤه بقوله: يريدون أن يخرجوا من النار يريد: هؤلاء الذين كفروا بربهم يوم القيامة أن يخرجوا من النار بعد دخولها، وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم يقول: لهم عذاب دائم ثابت لا يزول عنهم ولا ينتقل أبدا، كما قال الشاعر:
فإن لكم بيوم الشعب مني * عذابا دائما لكم مقيما وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، أن نافع بن الأزرق قال لابن عباس: يا أعمى البصر، أعمى القلب، تزعم أن قوما يخرجون من النار، وقد قال الله عز وجل: وما هم بخارجين منها؟ فقال ابن عباس: ويحك، اقرأ ما فوقها هذه للكفار. القول في تأويل قوله تعالى: * (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم) *..