حال العدم إلى حال الوجود، ولن يقدر على ذلك غير الله الواحد القهار، وإنما يعني بذلك أن له تدبير السماوات والأرض وما بينهما، وتصريفه وإفناءه وإعدامه، وإيجاد ما يشاء مما هو غير موجود ولا منشأ، يقول: فليس ذلك لاحد سواي، فكيف زعمتم أيها الكذبة أن المسيح إليه، وهو لا يطيق شيئا من ذلك، بل لا يقدر على دفع الضرر عن نفسه، ولا عن أمه، ولا اجتلاب نفع إليها، إلا بإذني.
القول في تأويل قوله تعالى: والله على كل شئ قدير.
يقول عز ذكره: الله المعبود هو القادر على كل شئ، والمالك كل شئ، الذي لا يعجزه شئ أراده، ولا يغلبه شئ طلبه، المقتدر على هلاك المسيح وأمه ومن في الأرض جميعا، لا العاجز الذي لا يقدر على منع نفسه من ضر نزل به من الله ولا منع أمه من الهلاك.
القول في تأويل قوله تعالى: * (وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير) *..
وهذا خبر من الله عز وجل عن قوم من اليهود والنصارى أنهم قالوا هذا القول. وقد ذكر عن ابن عباس تسمية الذين قالوا ذلك من اليهود.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، قال:
ثني محمد بن أبي محمد مولي زيد بن ثابت، قال: ثني سعيد بن جبير، أو عكرمة، عن ابن عباس، قال: أتى رسول الله (ص) نعمان بن أخي وبحري بن عمرو، وشاس بن عدي، فكلموه، فكلمهم رسول الله (ص) ودعاهم إلى الله وحذرهم نقمته، فقالوا: ما تخوفنا يا محمد، نحن والله أبناء الله وأحباؤه كقول النصارى، فأنزل الله جل وعز فيهم: وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه... إلى آخر الآية. وكان السدي يقول في ذلك بما:
حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط،