مجاهد في قوله: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا قال:
الزنا والسرقة، وقتل الناس، وإهلاك الحرث والنسل.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد: ويسعون في الأرض فسادا قال: الفساد: القتل، والزنا، والسرقة.
وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب، قول من قال: المحارب لله ورسوله من حارب في سابلة المسلمين وذمتهم، والمغير عليهم في أمصارهم وقراهم حرابة.
وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال بالصواب، لأنه لا خلاف بين الحجة أن من نصب حربا للمسلمين على الظلم منه لهم أنه لهم محارب، ولا خلاف فيه. فالذي وصفنا صفته، لا شك فيه أنه لهم مناصب حربا ظلما. وإذ كان ذلك كذلك، فسواء كان نصبه الحرب لهم في مصرهم وقراهم أوفي سبلهم وطرقهم في أنه لله ولرسوله محارب بحربه من نهاه الله ورسوله عن حربه وأما قوله: ويسعون في الأرض فسادا فإنه يعني: ويعملون في أرض الله بالمعاصي من إخافة سبل عباده المؤمنين به، أو سبل ذمتهم وقطع طرقهم، وأخذ أموالهم ظلما وعدوانا، والتوثب على جرمهم فجورا وفسوقا.
القول في تأويل قوله تعالى: أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض.
يقول تعالى ذكره: ما للذي حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا من أهل ملة الاسلام أو ذمتهم إلا بعض هذه الخلال التي ذكرها جل ثناؤه.
ثم اختلف أهل التأويل في هذه الخلال أتلزم المحارب باستحقاقه اسم المحاربة، أم يلزمه ما لزمه من ذلك على قدر جرمه مختلفا باختلاف أجرامه؟ (فقال بعضهم: يلزمه ما لزمه من ذلك على قدر جرمه، مختلفا باختلاف أجرامه) ذكر من قال ذلك: