وقول الآخر:
ولله قومي أي قوم لحرة * إذا كان يوما ذا كواكب أشنعا وإنما تفعل العرب ذلك في النكرات لما وصفنا من اتباع أخبار النكرات أسماءها، وكان من حكمها أن يكون معها مرفوع ومنصوب، فإذا رفعوهما جميعهما تذكروا اتباع النكرة خبرها، وإذا نصبوهما تذكروا صحبة كان منصوب ومرفوع، ووجدوا النكرة يتبعها خبرها، وأضمروا في كان مجهولا لاحتمالها الضمير. وقد ظن بعض الناس أن من قرأ ذلك: * (إلا أن تكون تجارة حاضرة) * إنما قرأه على معنى: إلا أن يكون تجارة حاضرة، فزعم أنه كان يلزم قارئ ذلك أن يقرأ يكون بالياء، وأغفل موضع صواب قراءته من جهة الاعراب، وألزمه غير ما يلزمه. وذلك أن العرب إذا جعلوا مع كان نكرة مؤنثا بنعتها أو خبرها، أنثوا كان مرة وذكروها أخرى، فقالوا: إن كانت جارية صغيرة فاشتروها، وإن كان جارية صغيرة فاشتروها، تذكر كان وإن نصبت النكرة المنعوتة أو رفعت أحيانا وتؤنث أحيانا.
وقد زعم بعض نحويي البصرة أن قوله: إلا أن تكون تجارة حاضرة مرفوعة فيه التجارة الحاضرة لان يكون بمعنى التمام، ولا حاجة بها إلى الخبر، بمعنى: إلا أن توجد أو تقع أو تحدث، فألزم نفسه ما لم يكن لها لازما، لأنه إنما ألزم نفسه ذلك إذا لم يكن يجد لكان منصوبا، ووجد التجارة الحاضرة مرفوعة، وأغفل جواز قوله: * (تديرونها بينكم) * أن يكون خبرا لكان، فيستغني بذلك عن إلزام نفسه ما ألزم. والذي قال من حكينا قوله من البصريين غير خطأ في العربية، غير أن الذي قلنا بكلام العرب أشبه، وفي المعنى أصح، وهو أن يكون في قوله: * (تديرونها بينكم) * وجهان: أحدهما أنه في موضع نصب على أنه حل محل خبر كان، والتجارة الحاضرة اسمها. والآخر: أنه في موضع رفع على اتباع