يعني بقوله: أو أن يصورها هوى: يميلها.
فمعنى قوله: * (فصرهن إليك) * اضممهن إليك ووجههن نحوك، كما يقال: صر وجهك إلي، أي أقبل به إلي. ومن وجه قوله: * (فصرهن إليك) * إلى هذا التأويل كان في الكلام عنده متروك قد ترك ذكره استغناء بدلالة الظاهر عليه، ويكون معناه حينئذ عنده، قال: فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك، ثم قطعهن، ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا.
وقد يحتمل أن يكون معنى ذلك إذا قرئ كذلك بضم الصاد: قطعهن، كما قال توبة بن الحمير:
فلما جذبت الحبل أطت نسوعه * بأطراف عيدان شديد أسورها فأدنت لي الأسباب حتى بلغتها * بنهضي وقد كان ارتقائي يصورها يعني يقطعها. وإذا كان ذلك تأويل قوله: * (فصرهن إليك) * كان في الكلام تقديم وتأخير، ويكون معناه: فخذ أربعة من الطير إليك فصرهن، ويكون إليك من صلة خذ.
وقرأ ذلك جماعة من أهل الكوفة: فصرهن إليك بالكسر، بمعنى قطعهن.
وقد زعم جماعة من نحويي الكوفة أنهم لا يعرفون فصرهن ولا فصرهن، بمعنى قطعهن في كلام العرب، وأنهم لا يعرفون كسر الصاد وضمها في ذلك إلا بمعنى واحد، وأنهما جميعا لغتان بمعنى الإمالة، وأن كسر الصاد منها لغة في هذيل وسليم، وأنشدوا لبعض بني سليم:
وفرع يصير الجيد وحف كأنه * على الليت قنوان الكروم الدوالح